وعمل الملائكة مع محمد ﷺ مع إيمانهم بالله تعالى ورسوله ﷺ واليوم الآخر أعظم وأكمل من عمل الشياطين مع كفرهم بالله ﷾ ورسوله ﵊ وتمرّدهم، وما صبروا عليه من التسخير إلا تحكم سليمان ﵊ فيهم، وخوفهم من عقوبته إيّاهم، فلما مات ولم يَعلموا بموته تَمُّوا في (العمل) (١) كما أخبر الله تعالى عنهم، وقد كانوا يوهمون الإنسَ أنّهم يَعلمون الغيب فلبثوا معبَّدين في العمل ما شاء الله أن يلبثوا، وسليمان ﵊ مَيِّتٌ مُتَوكّئ على مِنسَأتِه، فلمّا أكلتها الأرضة وقع، فعلمت الإنس أن الجن كانت كاذبة في إدعائها علم الغيب، لأنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، وسليمان ﵇ ميّت في تلك المدّة، فأين تسخير هؤلاء المعاندين الكفّار المجتهدين في أذى سليمان ﵊ وغيره من الإنس وانتظار غِرَّتهم كما يُذكر عن صَخرٍ المارد من الكيد والغدر لو قدر على ذلك من إسعاد الملائكة وإعانتهم ونصرهم لمحمّد ﷺ وجنده في غير موطن كيوم بدر والأحزاب وغيرهما قال الله تعالى: ﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ [ق ٤٥/و] مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ (بِهِ) (٢) وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [آل عمران: ١٢٤ - ١٢٦]، وقال (تعالى) (٣): ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ (بِهِ قُلُوبُكُمْ) (٤) وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: ٩ - ١٠] وقال تعالى: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى
(١) "العمل" ليس في ب.
(٢) "به" ليس في ب، وهو خطأ ظاهر.
(٣) "تعالى" ليس في ب.
(٤) في ب "به قلوبكم" بتقديم وتأخير، وهو خطأ ظاهر.