أسرفوا في الذّنوب فالله يعفو ... إنّ شرّ الورى اليَؤوسُ القَنوط
وكذا الرّزقُ من يَديْ أسعدَ المس ... عودِ ظلٌ على الورى مبسوطُ
كفّهُ للنّدى كما عِرضُه الطّا ... هرُ للمدحِ والثّناءِ ربيطُ
وإذا غيرُه أبى المجدَ كسلا ... نًا أتاهُ جذلانَ وهْو نشيطُ
لم أخَلْ قبل ربعِه أنّ ربعًا ... فيه بدرٌ زاهٍ وبحرٌ مُحيطُ
لو بآرائِه الكواكبُ سارت ... لم يعُقْها وجوعُها والهبوطُ
وقوله من أخرى:
قد كانت الأرزاق محبوسةً ... فردّها بالجود منشوطَهْ
له يدٌ في الشرّ مقبوضة ... وأختُها في الخيرِ مبسوطَهْ
ومنها في الغزل:
مبلبَلُ الطّرّةِ أصداغُه ... نوناتُها بالخالِ منقوطَهْ
إذا بدا واختالَ قدّرتَه ... من حسنه بدرًا على خوطَهْ
الظّاء، وقوله:
كبّرْ على الكلّ إذا لم يكن ... لي منهمُ معْ جودِهِم حظُّ
ما نافعي رِقّةُ أخلاقِهم ... وقلبُ دهري يابسٌ فَظُّ
وعظتُهم في النّثر لكنّهم ... ما هزّهم للكرم الوعْظُ
العين، وقوله من قصيدة في نظام الملك:
وأورَقَ أيكيٍّ من الطّير موجَعٍ ... بساعده شكْوٌ من الإنس موجِعُ
سهرتُ له ليلَ التّمام فلم يزلْ ... الى أن تفرّى الصبحُ أبكي ويسجَعُ
شَدا طرَبًا أو ناح شجْوًا ومُقلتي ... على كل حالٍ دون جفنَيْهِ تدمَعُ
أعِدْ فكِلانا بالغصونِ متيّمٌ ... له كبدٌ حرّى وقلبٌ مفجّعُ
وقود براها السّبرُ حتى تشابهت ... وأرسانَها مما تخبّ وتوضِعُ
بأشلاءِ أسفارٍ كأنّ وجوهَهُم ... بلفح الحصا قطعٌ من الليل أسفعُ
سهامُ حَنايا ناحلاتٍ رمت بهم ... مطامعُ في قوس المقاديرِ تَنزِعُ
نَشاوَى على الأكوار من بين ساجدٍ ... ومُستمسك في رحله باتَ يركَعُ
إذا ما ونتْ خوصُ النجائبِ تحتَهمْ ... حدَوْها بأوصافِ الرّضيّ فتُسرِعُ
ومنها:
ووجهُ العُلى في هالةِ الدّستِ ضاحكٌ ... وثغرُ المُنى في أوجهِ المدح يلمعُ
وماءُ الندى للحائمين مصفّقٌ ... وروضُ الغِنى للشاتمين موسّعُ
ومن قوله فيه:
ما على الرّكب إن سمحْتُ بدمعي ... في رُبوع بين اللّوى والجِزعِ
وعلامَ المَلامُ والقلبُ قلبي ... وغرامي الغرامُ والدّمعُ دمعي
يا عذولي إليك عني فإني ... منك أدرى بوجهِ ضُرّي ونفعي
كيف أصغي للّوم والحبّ قد ... سدّ بوقرِ الغرامِ طرْفي وسمعي
هذه سُنّة الهوى لستُ فيما ... جئتُه من هوى الدّيار ببِدْعِ
وله من أخرى في وصف القلم:
في كفّه من اليرا ... ع ذابلٌ مزعزِعُ
روعُ الزّمان أبدًا ... من وقعه مروّعُ
إذا انبرى لحادثٍ ... فهْوَ سنانٌ مشْرَعُ
ليْنُ المجسِّ قاتلٌ ... والصِّلُّ ليْنٌ يلسعُ
أخرسُ إلا أنّه ... في إصبعَيْهِ مصقَعُ
فكم لسانٍ ناطقٍ ... أفصحُ منه إصبَعُ
يعلمُ الورْقاءَ في ال ... أغصان كيف تسجَعُ
وله:
بأبي وجهُك ما أحسنَهُ ... كيفما دُرت به درتُ معهْ
هو شمسٌ وأنا حِرباؤه ... فلذا أقبل وجهي مطلَعَهْ
وقوله:
لو قيل لي ما تمنّى ... لقلتُ قلبٌ قَنوعُ
ومسكنٌ وفتاةٌ ... فيها تُقىً وخُشوعُ
وقوله:
ما كنت أعرفُ قدرَ أي ... امي ذهبَتْ ضَياعا
حتى فجعتُ بها ولم ... أسطِع لذاهبها ارتجاعا
ومن قصيدة أخرى:
الحزنُ حزني والضّلوع ضلوعي ... والجفنُ جَفني والدّموعُ دموعي
فعلام يعذلني على برْح الهوى ... من لا يقومُ نزاعُه بنُزوعي
1 / 20