كمال الدين الشماخي الأصل والمولد، وشماخي أم المدائن بولاية شروان. أخذ عن السيد يحيى ابن السيد بهاء الدين الشرواني الشماخي المولد، ثم الباكوي الوطن، وباكو بلدة من ولاية شروان أيضًا وبها توفي السيد يحيى - إلى رحمة الله تعالى - في سنة ثمان أو تسع وستين وثمانمائة، وكان السيد يحيى هذا جليل المقدار انتشرت خلفاؤه إلى أطراف الممالك، وترجمه صاحب الشقائق النعمانية. وقال: يحكى عنه أن لم يأكل طعامًا في آخر عمره مقدار ستة أشهر، فاشتهى في تلك المدة طعامًا عينه، فاهتم أكبر أولاده به، وأحضره، فلما أخذ لقمة اشتغل بتقرير المعارف الإلهية زمانًا، ثم ترك اللقمة، ولم يأكلها فقيل له في ذلك، فقال: إن الحكيم لقمان تغذى برائحة شيء من الترياق عدة سنين، ولا بعد في أن أتغذى برائحة هذه اللقمة.
وأما مريده الشيخ كمال الدين صاحب الترجمة، فذكر العلائي أنه دخل القاهرة بعد فتنة الطاغية إسماعيل شاه، فلم يظهر مشيخة ولا سلوكًا، ولا تقرب من أرباب الدنيا، بل جلس في حانوت بقرب خان الخليل يشتغل فيه الأقماع والكوافي على أسلوب العجم بحسن صناعة، وجميل دربة، وإتقان صنع. قال: وكان حافظًا لعبارات كثير من المشائخ، وآدابهم، وأخلاقهم، وحسن سيرتهم مما خلا منه كثير من المتصدرين مع عدم التكثر والتبجح، وكان وفاته ليلة الاثنين ثالث ربيع الأول سنة سبع وعشرين وتسعمائة. عن نيف وتسعين سنة ووقع في كلام العلائي عن مائة وثلاث عشرة سنة رحمه الله تعالى.
٥٤ - محمد بن النجار الدمياطي: محمد بن أحمد بن عيسى الشيخ الإمام الأوحد العلامة. الحجة العمدة اللهامة شيخ وقته أمين الدين أبو الجود بن النجار الدمياطي، الشافعي خطيب جامع الغمري بمصر، وهو أحد تلاميذ شيخ الإسلام الجد مع أنه أسن منه، وأشياخ شيخ الإسلام الوالد، ووصفه الوالد " بشيخ " الإسلام، ومرة أخرى بولي الله تعالى، ولد كما قرأته بخط تلميذه الشيخ نجم الدين الغيطي سنة خمس وأربعين وثمانمائة. وممن أخذ العلم عنهم أيضًا شيخ الإسلام صالح البلقيني، والتقي الشمني، والسيدة زينب بنت الحافظ عبد الرحيم العراقي وغيرهم، وقد كان - رحمه الله تعالى - ممن جمع الله له بين العلم والعمل،
1 / 32