أتوقع أن يفوز هذا الفيلم بجائزة في البحرين بسبب الإخراج الناعم المتقن وجاذبية أحمد زكي الشيطانية، ولم لا؟ لقد تمتع إبليس بجاذبية كبيرة لإفساد النساء والرجال، وإلا فلماذا هو بالذات الذي صدر له الأمر الإلهي؟ ولماذا أصبح الإبداع أو الفن يحمل اسم الشيطان؟! ألا نقول «شيطان الفن» أو «شيطان الشعر»؟!
هذا فيلم جيد في السينما المصرية يستحق الرؤية، وهو فيلم طويل ربما يكون أفضل لو تم اختصاره قليلا، وحذفت بعض الأجزاء غير الضرورية والتي تجعل الفيلم مملا أحيانا، خاصة الاستعراض المصنوع لذكورة أحمد زكي وعلاقاته النسائية المتعددة، وتلك المبالغة في إظهار بطولته الخارقة وكأنه طرزان.
لولا هذه الأجزاء لأصبح هذا الفيلم حدثا في تاريخ السينما المصرية.
القاهرة، 19 مارس 2000
عن الحقوق المدنية والسياسية
حقوق الإنسان وأسطورة النظام العالمي الجديد (1) ملاحظة أولى
لاحظت أن عبارة الحقوق المدنية أصبحت تتردد في بعض بلادنا العربية، وخاصة في مصر أو الجزائر أو تونس أو غيرها من البلاد التي تتمتع بشيء مما أطلق عليها «الديمقراطية»، أو مما تسمح بوجود بعض الأحزاب السياسية إلى جانب حزب الحكومة، وأصبحت أفكر في هذه الظاهرة الجديدة التي فرضت نفسها في المؤتمرات والندوات، بل في الأحاديث العادية، إذ ما أن أقابل أحدا من المثقفين في بلادنا، أو تجمعني جلسة ببعضهم حتى أسمع كلمة الحقوق المدنية، والمجتمع المدني أو القوانين المدنية.
بل إنني ذات يوم وأنا أسير في الشارع المجاور لمنزلي استوقفني أحد الجيران، وهو يعمل بمديرية الأمن، ربما مدير أو مدير عام لا أعرف بالضبط، وكان حين يقابلني لا يقرئني السلام إلا نادرا، وقد يحرك رأسه الناحية الأخرى وكأنه لا يعرفني، لكنه هذا الصباح ابتسم في وجهي واستوقفني، وبدأ يشكو من المشاكل والأزمات التي تعاني منها الحكومة والشعب نائم لا يفعل شيئا، واختتم كلامه قائلا: خلاص يا دكتورة الشعب مات وموش عاوز يتحرك.
كنت عائدة لتوي من مكتب البريد لأسجل خطابا، ورفض الموظف تسجيله، وحين سألته لماذا أشار إلى قطعة من «السيلوتيب» ألصقت بها المظروف وقال: هذا ممنوع، وقلت بدهشة: ممنوع ليه؟ قال مش عارف والله، هي دي التعليمات.
وكان علي أن أطوف المكتبات في الجيزة باحثة عن زجاجة صمغ ألصق بها المظروف بدلا من «السيلوتيب»، ولكن الصمغ كان مثل الماء وقلت لنفسي: حتى الصمغ مغشوش، وأجهدت عقلي في البحث عن أسباب منع تسجيل خطاب بالبريد لمجرد أنه مغلق بقطعة من «السيلوتيب» وليس الصمغ العادي، ولم أصل إلى شيء، وكلما أسأل واحدا من موظفي البريد يرد علي قائلا: مش عارف والله لكن هي دي التعليمات.
Shafi da ba'a sani ba