فسبحان الله أين ذهب عقول هؤلاء الغلاة المشركين عن هذه الآيات المحكمات البينات؟
وقد أخبر تعالى (١) أن اتخاذ الشفعاء هو دين أهل الشرك بالله من عبدة الأوثان، كما قال تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه﴾ إلى قوله: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون﴾ (٢) فأخبر أنه شرك ونزه نفسه عنه، وأخبر أن قولهم: ﴿هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه﴾ (٣) يمنع حصول/ الشفاعة لهم بطلبها من غير من يملكها، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ (٤) فأخبر تعالى أنهم تولوهم من دون الله بالعبادة؛ وأنهم إنما أرادوا بذلك أن يقربوهم (٥) إلى الله بشفاعتهم لهمن فأخبر تعالى أن هذا هو الكفر بالله، بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّار﴾ (٦) و"كفار" صيغة مبالغة أبلغ من كافر. وهذا الذي ذكره الله تعالى (٧) عن المشركين هو الواقع من كثير من هذه الأمة في حق أرباب القبور، جهلًا منهم بحقيقة الشرك؛ حتى إن ذلك قد وقع من كثير ممن ينتسب إلى العلم، وذلك ينافي الإخلاص في العبادة الذي هو
_________
(١) في "م" و"ش"" "الله تعالى".
(٢) سورة يونس، الآية: ١٨.
(٣) زاد في "م" و"ش": "إنه".
(٤) سورة الزمر، الآية: ٣، وفي هامش: (الأصل) كتب "بلغ مقابلة وقرأه على شيخنا المصنف
دامت إفادته".
(٥) في جميع النسخ: "إلا ليقربوهم"، ولعل الصواب ما أثبته.
(٦) سورة الزمر، الآية: ٣.
(٧) سقطت من "م": "تعالى".
1 / 85