الذي لم يلد ولم يُولد ولم يكن له كفوًا أحد.
فهناك تمايلت قدودي طربًا بطيب شهودي، وترنمت بلابل سعودي على تحريك عودي، ثم تدركني عنايةُ معبودي، فأفكرُ في عدمي ووجودي، وفوات مقصودي، فأنعطف إلى الورد فأخبره بورودي، وأخلع عليه من برودي، وأستخبره عن مصدري وورودي؛ فقال لي: وجودك كوجودي، وموجودك كموجودي، وركوعك كسجودي، فأنت بخضرة قدودك، وأنا بحُمرة خدودي، فلهمَّ نجعلُ في النار وقودك ووقودي، قبل نارُ خلودك وخلودي.
فقلت: إذا صح الائتلاف، ورضيت لنفسك بالتلاف، فليس للخلان من خلال، فنقطف على حكم الوفاق، ونختطف من بين الرفاق، وتُصعّدُ أنفاسنا بالاحتراق، وتقطر دموعنا بالإشفاق، فإذا فنينا عن صور أشباحنا، وبقينا بمعاني أرواحنا، فسيّان غدوّنا ورواحنا. وفي ذلك أقول:
وَرَدَ الوَرْدُ بَشِيرًا بالذي ... فيه من لُطْف المَعَانِي قَدْ حَوَى
فَانْثَنَى البانُ لهُ منْعَطِفًا ... لاثِمًا نَشرَ الذي فيه انطَوَى
مَالَ يَشْكوُ أَهْيف القدْ له ... فَرْطَ مَا يَلْقَاهُ من حَرٍّ الجَوَى
فَرَثاَهُ الَورْدُ إذْ قَالَ لَهُ ... نَحْنُ خِلَّانٌ تَسَاهَمْنَا الهَوَى
فأَنَا أنّتَ كما أنْتَ أَنَا ... نَحنُ في المَغْنَى جَمِيعًا بالسَّوَى
1 / 55