فتمتمت بحزن عميق: هيهات!
فقلت برجاء: لعلي أستطيع أن أصنع جميلا.
فقالت بنبرة ساخرة: هيهات، انتظر حتى أكمل قصتي، ربما أكون قد أخطأت ولكنني اندفعت في الطريق الوحيد المتاحة لي وهي تعذيب النفس ، وإنزال أقسى العقوبة بها، واعتمدت على منطق غير عادي، قلت إنني ابنة للثورة، ورغم كل ما حدث لم أكفر بجوهرها، وإذن فإنني مسئولة عنها ومتحملة لمسئوليتها بالكامل، وضمنا فإني مسئولة عن كل ما حل بي؛ لذلك رفضت التظاهر بحياة الشرفاء وقررت أن أعيش كما ينبغي لامرأة بلا كرامة. - شد ما ظلمت نفسك. - وكنت أحتمل كل شيء إلا أن يحتقرني إسماعيل، وفي الوقت نفسه لم أرد أن أخونه، ثم اضطرب تفكيري فضل ضلالا كبيرا.
وهزت رأسها في أسى وقالت: وحدثت أمور كثيرة تعذر معها إصلاح الحال، أو الرجوع إلى نقطة الصواب ... ورآني في تلك الأثناء عم حسب الله تاجر الدجاج.
رمقتها بقلق شديد فقالت: وجد الطريق ممهدة تلك المرة. - لا. - لم لا؟ قلت هكذا ينبغي أن تمضي حياة الساقطة، ولا يجوز السقوط بلا ثمن. - لا أصدق. - وقبضت الثمن.
شعرت بقرف الدنيا كلها وجعلت تحدجني بنظرة ساخرة ثم قالت بتحد: وزين العابدين عبد الله أيضا!
فاعتصمت بالصمت فقالت: وسط لدي إمام الفوال الجرسون وجمعة مساح الأحذية. - طالما اعتقدت في شرفهما ووطنيتهما.
فقالت بدهشة: كانا كذلك، ولكنهما تدهورا مثلي تماما، ماذا حصل للناس؟ يخيل إلي أننا صرنا أمة من المنحرفين، تكاليف الحياة والهزيمة والقلق تفتت القيم، إنهما يسمعان عن الانحراف في كل مكان، فماذا يمنعهما منه؟ ... أؤكد لك أنهما يحترفان القوادة الآن، وبلا حياء.
فتنهدت متسائلا: هل نيئس يا زينب؟ - كلا، إنها فترة كالوباء ثم تتجدد بعدها الحياة.
فواصلت تقول دون اكتراث بكلامي: وقررت أن أعترف لإسماعيل!
Shafi da ba'a sani ba