وقال غير يحيى: كان صعصعة بن صوحان العبدي مسلمًا على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم. ولم يلْقَه ولم يرَه، صغر عن ذلك، وكان سَيّدًا من سادات قومه عبد القيس، وكان فصيحًا خطيبًا
عاقلًا لسنًا ديِّنًا فاضلًا بليغًا يعَدُّ في أصحاب علي بن أبي طالب ﵁. وصعصعة بن
صوحان هذا هو الذي قال لعمر بن الخطاب ﵁ حين قسم المال الذي بعث اليه أبو موسى
الأشعري. وكان المال ألف ألف درهم، وفَضُلتْ منه فَضْلة. فاختلفوا عليه حيثُ يَضَعُها فقام عمر
خطيبًا فحمد الله وأثنى عليه، وقال: (أيها الناسُ قد بَقِيَتْ لكم فَضلَةٌ بعد حُقوق الناس، فما تقولون
فيها؟ فقام صعصعة بن صوحان هذا وهو غُلام شاب. فقال: ياأمير المومنين إنما يُشاَوَرُ الناسُ فيما لم
يُنَزِّل الله فيه قرآنًا، فأما ما أنْزَل الله فيه القرآن ووضعه مواضعهُ، فضَعْهُ في مواضعه التي وضَعه
الله فيها. فقال له عمر: صَدَقْتَ، أنتَ منّي وأنا منك).
وقال علي بن أبي طالب ﵁: (الناسُ ثلاثة: عَالِمٌ رَبَّانيّ، ومتعلّم على سبيل نجاة، وهمجٌ
ساعٍ، لكلّ ناعِق أتباع يميلون مع كل ريح، لم يسْتضيئوا بنور العلم ولم يلجؤوا إلى ركْن وثِيق). قوله
﵁: (عالِمٌ ربَّاني). فالرَّبَّاني هو العالمُ الحكيمُ التَّقِي. وفي كتاب الله ﷿ (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) وقال
الحسن؛ أَيْ فقهاء وقال: ابن جبير: أي حكماء
1 / 99