Kamil Munir
الكامل المنير(المقدمة + الجزء الأول)
Nau'ikan
لعمري؛ لقد علمت الخوارج ومن قال بمقالتهم لم يبايعوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه إلا على النصرة الواضحة، والأعلام المنيرة، والدلائل القوية، التي بهرت العقول مع ما نزل فيه من كتاب الله عز وجل من الآيات المفسرات اللاتي لم تنزل في غيره، والأحاديث القوية التي رووها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالإجماع منهم ومن غيرهم عليها؛ فكانوا في عسكره يجاهدون دونه عدوه، ويشهدون أمره، ويقومون بحجته، ويثبتون له الوصية من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عارفين لحقه، معظمين لقدره له، ويقدمونه على جميع الأمة، فكان ذلك فيهم مستودعا في قلوبهم، مستقرا فيها، فلما أراد الله عز وجل خذلانهم لما علم من سوء ضمائرهم سلبهم وديعته فكان مثلهم في ذلك كما قال الله تبارك وتعالى في كتابه:{واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين}[الأعراف/175].
وقوله:{فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين * وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين}[النمل/13-14].
وقال:{كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}[المطففين/14].
وقد رسمنا لك في كتابنا هذا، وأوضحنا لك فيه من الحجج عليهم وعلى غيرهم من القرآن والروايات المجتمع عليها، ومن جهة المعقول وغيره مما بعضه يجري دون بعض لمن أحب الله أن يهديه، مع أني لا أطمع لك في قبولهم منك؛ لأن الله تبارك وتعالى قد صرف الأمثال في كتابه فقال عز وجل:{ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون}[الأنعام/111].
وفقنا الله وإياك لطاعته واجتناب معصيته، ولا سلبنا وإياك ما أنعم به عليك وعلينا من معرفته برحمته.
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
Shafi 75