و(القرآن) يطلق على الحكاية والمحكي ، وسمي قرآنا إما لجمعه سورا وآيات من قولهم : قرأت الماء في الحوض إذا جمعته فيه ، وقرأت الناقة لنبها إذا جمعته. وإما من القرى ، لأنه مائدة الله تعالى التي يدعوا عباده إليها ، ومن أسمائه الفرقان ؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل ، والحلال والحرام ، وأحكام الشريعة ، وبين ثبوت نبوة محمد ونبوة غيره من الأنبياء (عليهم السلام) ومنها الذكر(1)والنور(2) والروح(3) والهدى (4)والبرهان (5) وحقيقته : هو الكلام (المنزل على نبيئنا محمد للإعجاز) أي لإرادة ظهور عجز الأمة عن الإتيان بمثله ، أو الحكم به فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم ، خرج الكلام الذي لم ينزل كالمكتوب في اللوح المحفوظ على القول بأنه حقيقة ، وما نزل على غير نبيئنا محمد ، وما نزل لا للإعجاز مطلقا (بسورة) أي بقدرها ، وفائدته دفع إيهام العبارة بدونه أن الإعجاز بكل القرآن فقط ،
والمراد بالسورة بعض من الكلام المنزل ، مترجم أوله وآخره توقيفا (1)مسمى باسم خاص يتضمن آيات قرآنا كان أو غيره ، فيندفع ما قيل أن معرفة السورة موقوفة على معرفته فيدور.
قال في الكشاف : ومن سور الإنجيل سورة الأمثال. ولذا وصفها المصنف بقوله :(منه) أي من مثله في البلاغة بحذف مضاف لقرينة [*] ?فليأتوا بحديث مثله? ، وظهور أن ليس المراد بسورة من سوره المعروفة وإلا لزم أن لا يكون معجزا ، أما على تقدير حكايتها فظاهر ، وأما على تقدير المعارضة بعينها فلاستحالة قيامها من حيث هي كلامه تعالى بغيره ، ولزوم أن يكون كل فعل معجزا لغير فاعله ، ولو قال :(ما نزل للإعجاز) لكان أخصر وأفيد وهو (2) أمر من جنس البلاغة كما يجده أرباب الذوق في الأصح ، وهو إما ذاتي لحقيقة القرآن ، أو لازم بين لها ؛ لأن من تعقل القرآن وعرف حقيقته مع الإعجاز علم لزوم الإعجاز له قطعا ؛ بل من تعقله على ما ينبغي علم أنه معجز ، فأقل أحوال الإعجاز أن يكون لازما بينا له إما بالمعنى الأخص : وهو أن يكون مجرد تعقل الملزوم كافيا في تعقل اللازم. أو بالمعنى الأعم : وهو أن يكون تعقل الملزوم واللازم كافيا في الجزم باللزوم.
Shafi 54