Juz' Min Takhreej Ahmad Ibn Abdul-Wahid Al-Bukhari
جزء من تخريج أحمد بن عبد الواحد البخاري
Mai Buga Littafi
مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم المجاني التابع لموقع الشبكة الإسلامية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
٢٠٠٤
Nau'ikan
٢٢ - وَأنبا أَبُو طَاهِرٍ الْقُرَشِيُّ، أنبا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ حَمْزَةَ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، وأنبا أَبُو طَاهِرٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْعَلَوِيُّ، أنبا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّسَائِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ يَاسِينَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّهِ يَاسِينَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ، يَقُولُ: أَصَابَتْنِي فَاقَةٌ شَدِيدَةٌ وَإِضَاقَةٌ، وَلا صَدِيقَ لِمُضَيَّقٍ، وَلَزِمَنِي دَيْنٌ ثَقِيلٌ، وَغَرِيمٍ مُلِحٌّ فِي اقْتِضَائِهِ، فَتَوَجَّهْتُ نَحْوَ دَارِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ لِمَعْرِفَةٍ كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَشَعُرَ بِذَلِكَ مِنْ حَالِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَكَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَدِيمُ مَعْرِفَةٍ، فَلَقِيَنِي فِي الطَّرِيقِ، فَأَخَذَ بِيَدِي، وَقَالَ: قَدْ بَلَغَنِي مَا أَنْتَ بِسَبِيلِهِ مِنَ الْخَلَّةِ، فَمَنْ تُؤَمِّلُ لِكَشْفِ مَا نَزَلَ بِكَ؟ فَقُلْتُ: الْحَسَنَ بْنَ زَيْدٍ، فَقَالَ: إِذًا لا يَقْضِي حَاجَتَكَ وَلا يُسْعِفُ بِطَلَبَتِكَ فَعَلَيْكَ بِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَجْوَدُ الأَجْوَدِينَ، فَالْتَمِسْ مَا تُؤَمِّلُ مِنْ قِبَلِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ ابْنَ عَمِّي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: " أَوْحَى إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ فِي بَعْضِ وَحْيِهِ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَقْطَعَنَّ أَمَلَ كُلَّ مُؤَمِّلٍ أَمَّلَ غَيْرِي بِالإِيَاسِ ، وَلأَكْسُوَنَّهُ ثَوْبَ الْمَذَلَّةِ فِي النَّاسِ، وَلأُبْعِدَنَّهُ مِنْ فَرَجِي وَفَضْلِي، أَيُؤَمِّلُ عَبْدِي فِي الشَّدَائِدِ غَيْرِي وَالشَّدَائِدُ بِيَدِي، أَوْ يُرْجَى سِوَايَ فِي الشَّدَائِدِ وَأَنَا الْغَنِيُّ الْجَوَّادُ، بِيَدِي مَفَاتِيحُ الأَبْوَابِ وَهِيَ مُغْلَقَةٌ وَبَابِي مَفْتُوحٌ لِمَنْ دَعَانِي، أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ دَهَتْهُ نَائِبَةٌ لَمْ يَكْشَفْ كَشْفَهَا عَنْهُ غَيْرِي، فَماِلَي أَرَاهُ بِمَأْمَلِهِ مُعْرِضًا عَنِّي وَقَدْ أَعْطَيْتُهُ بِجُودِي، وَكَذَا مَا لَمْ يَسْأَلْنِي وَسَأَلَ فِي نَائِبَتِهِ غَيْرِي، وَأَنَا اللَّهُ أَبْتَدِئ بِالْعَطِيَّةِ قَبْلَ الْمَسْأَلَةِ، أَفَأُسْأَلُ فَلا أَجُودَ؟ كَلا، أَوَلَيْسَ الْجُودُ وَالْكَرَمُ لِي؟ أَوَلَيْسَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ بِيَدِي؟ فَلَوْ أَنَّ أَهْلَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَأَرَضِينَ سَأَلُونِي جَمِيعًا فَأَعْطَيْتُ كُل مِنْهُمْ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ، وَكَيْفَ يَنْقُصُ مُلْكٌ أَنَا قَيِّمُهُ فَيَا بُؤْسًا لِمَنْ عَصَانِي وَلَمْ يُرَاقِبْنِي ".
فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا سَأَلْتُ أَحَدًا بَعْدَ هَذَا حَاجَةً، فَمَا لَبِثْتُ أَنْ جَاءَنِي اللَّهُ بِرِزْقٍ وَفَضْلٍ مِنْ عِنْدِهِ
وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ، أنبا أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَصْرِيُّ، أنبا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّارُ، أنبا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ الْجَوْهَرِيُّ، أنبا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْبُهْلُولِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْفُرَاتِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَرَادَ أَنْ يُرْسِلَ رَجُلا فِي حَاجَةٍ مُهِمَّةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁: أَلا نَبْعَثُ أَحَدَ هَذَيْنِ؟ قَالَ: «وَكَيْفَ أَبْعَثُ أَحَدَ هَذَيْنِ؟ وَهُمَا مِنْ هَذَا الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنَ الرَّأْسِ»
٠ - أنبا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ، كِتَابَةً، أنبا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ، أنبا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلافُ، أنبا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْحَمَامِيُّ، أنبا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُلْدِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ سَمُرَةَ السَّائِحُ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ: أَيْ أَخِي إِيَّاكَ وَتَأْمِيرَ التَّسْوِيفِ عَلَى نَفْسِكَ، وَإِمْكَانِهِ مِنْ قَلْبِكَ، فَإِنَّهُ مَحَلُّ الْكَلالِ، وَمَوُئِلُ التَّلَفِ، وَبَادِرْ يَا أَخِي فَإِنَّهُ مُبَادِرٌ بِكَ، وَأَسْرِعْ فَإِنَّهُ مُسْرِعٌ بِكَ، وَجِدَّ فَإِنَّ الأَمْرَ جِدٌّ، وَتَيَقَّظْ مِنْ رَقْدَتِكَ، وَانْتَبِهْ مِنْ غَفْلَتِكَ، وَتَذَكَّرْ مَا أَسْلَفْتَ وَقَصَّرْتَ وَفَرَّطْتَ وَجَنَيْتَ وَعَمِلْتَ فَإِنَّهُ مُحْصًى عَلَيْكَ، وَكَأَنَّكَ بِالأَمْرِ قَدْ نَعَتْكَ فَاغْتَبَطْتَ بِمَا قَدَّمْتَ وَنَدِمْتَ عَلَى مَا فَرَّطْتَ، فَعَلَيْكَ بِالْحَيَاءِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالاعْتِزَالِ وَالْمُلاقَاةِ، فَإِنَّ السَّلامَةَ فِي ذَلِكَ مَوْجُودَةٌ، وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ لأَرْشَدِ الأُمُورِ، وَلا قُوَّةَ بِنَا وَبِكَ إِلا بِهِ
٠ - أنبا غَيْرُ وَاحِدٍ، كِتَابَةً، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْقَزَّازُ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَفَّافُ، ثنا دَاوُدُ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَلِيلِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ لِي رَجُلٌ بِالشَّامِ: عِنْدَنَا رَجُلٌ مِنَ الْعِبَادِ مِنْ أَهْلِ وَاسِطِ الْعِرَاقِ لا يَأْكُلُ إِلا مِنْ كَدِّ يَدِهِ وَقَدْ دَبِرَتْ مِنْ سَفِّ الْخُوصِ صَفْحَةُ يَدَيْهِ، وَلَوْ رَأَيْتَهُ لَوَقَذَكَ النَّظَرُ إِلَيْهِ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَمْضِيَ بِنَا إِلَيْهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَتَيْنَا فَدَقَّقْنَا عَلَيْهِ بَابَهُ، فَخَرَجَ إِلَى الْبَابِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِمَّنْ جَاءَ لِيَشْغَلَنِي عَمَا أَتَلَذَّذُ بِهِ مِنْ مُنَاجَاتِكَ.
ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ، فَدَخَلْنَا، فَإِذَا رَجُلٌ تَرَى بِهِ الآخِرَةَ، وَإِذَا قَبْرٌ مَحْفَوُرٌ، وَوَصِيَّةٌ مَكْتُوبَةٌ قَدْ كَتَبَهَا فِي الْحَائِطِ، وَكَسَاؤَهُ قَدْ أَعَدَّهُ لِكَفَنِهِ، فَقُلْتُ: أَيُّ مَوْقِفٍ لِهَذَا الْخَلْقِ؟ فَقَالَ بَيْنَ يدِي: مَنْ قَالَ؟ ثُمَّ صَاحَ، وَخَرَّ لِوَجْهِهِ، ثُمَّ أَفَاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبِي: يَا أَبَا عَبَّادٍ هَذَا أَبُو السَّرِيِّ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ، فَقَالَ لِي: مَرْحَبًا يَا أَخِي مَا زِلْتُ إِلَيْكَ مُشْتَاقًا، أُعْلِمُكَ أَنَّ بِيَ دَاءً قَدْ أَعْيَا الْمُتَطَبِّبِينَ قَبْلَكَ قَدِيمًا، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَتَأَتَّى بِرِفْقِكَ وَتَلْصِقَ عَلَيْهِ بَعْضَ مَرَاهِمِكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَ بِكَ، قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ يُعَالِجُ مِثْلِي مِثْلَكَ وَجُرْحُي أَثْقَلُ مِنْ جُرْحِكَ؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَ كَذَاكَ فَإِنِّي مُشْتَاقٌ مِنْكَ إِلَى ذَلِكَ، قَالَ: قُلْتُ: لَئِنْ كُنْتَ تَمَسَّكْتَ بِاحْتَفَارِ قَبْرِكَ فِي بَيْتِكَ، وَبِوَصِيَّةٍ رَسَمْتَهَا بَعْدَ وَفَاتِكَ، وَبِكَفَنٍ أَعْدَدْتَهُ لِيَوْمِ مَوْتِكَ، فَإِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا اقْتَطَعَهُمْ خَوْفُهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَى قُبُورِهِمْ، قَالَ: فَصَاحَ صَيْحَةً وَوَقَعَ فِي قَبْرَهِ، وَجَعَلَ يَفْحَصُ بِرِجْلِهِ وَبَالَ فَعَرَفْتُ ذَهَابَ عَقْلِهِ، فَخَرَجْتُ إِلَى طَحَّانٍ عَلَى بَابِهِ، فَقُلْتُ: ادْخُلْ فَأَعِنَّا عَلَى هَذَا الشَّيْخِ، فَاسْتَخْرَجْنَاهُ مِنْ قَبْرِهِ، وَهُوَ فِي غَشْيَتِهِ، فَقَالَ لِيَ الطَّحَّانُ: وَيْحَكَ مَا صَنَعْتَ؟ فَخَرَجْتُ وَتَرَكْتُهُ صَرِيعًا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ عُدْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا بِسَلْخٍ فِي وَجْهِهِ، وَإِذَا بِشَرِيطٍ قَدْ شَدَّ بِهِ رَأْسَهُ لِصُدَاعٍ وَجَدَهُ، فَلَمَّا رَآنِي، قَالَ: الْمُعَاوِدَةُ يَا أَبَا السَّرِيِّ رَحِمَكَ اللَّهُ.
فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ بَلَغْتَ أَيُّهَا الْمُتَعَبِّدُ مِنْ أَحْزَانِكَ بِاللَّهِ؟ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى آكْلَ الْفَطِيرِ وَالصَّابِرَ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ، يَأْكُلُ مَا اشْتَهَى، وَيَسْعَى عَلَيْهِ بِلَحْمِ طَيْرٍ وَيُسْقَى مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، فَشَهِقَ شَهْقَةً فَحَرَّكْتُهُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ
٠ - أنبا أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، كِتَابَةً، أنبا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الْعَامِرِيُّ، أنبا عَلِيُّ بْنُ أَبِي صَادِقٍ، أنبا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَاكَوَيْهِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الأَرْجَانِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُسْلِمٍ الرَّامَهْرُمْزِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدَ، وَهُوَ عَلَى سُورِ طَرَسُوسَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَبْكِي، وَهُوَ يَقُولُ: أَلا مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّهِ طَالَ فِي الْقِيَامَةِ غَدًّا هَمُّهُ، وَمَنْ خَافَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ ضَاقَ فِي الدُّنْيَا ذَرْعُهُ، وَمَنْ خَافَ الْوَعِيدَ لَهِيَ فِي الدُّنْيَا عَمَا يُرِيدُ، يَا مِسكِينُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ فِي الدُّنْيَا الْجَزِيلَ فَاقْلِلْ نَوْمَكَ بِاللَّيْلِ إِلا الْقَلِيلَ، اقْبَلْ مِنَ اللَّبِيبِ النَّاصِحِ إِذَا أَتَاكَ بِأَمْرٍ وَاضِحٍ، لا تَهْتَمَّ بِأَرْزَاقِ مَنْ تُخَلِّفُ فَلَيْسَتْ أَرْزَاقُهُمْ تُكَلَّفُ، وَطِنَّ نَفْسَكَ لِلْمَقَالِ إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِزَّةِ لِلسُّؤَالِ، قَدِّمْ صَالِحَ الأَعْمَالِ، وَدَعْ عَنْكَ كِبْرَةَ الأشْغَالِ، بَادِرْ ثُمَّ بَادِرْ قَبْلَ نُزُولِ مَا تُحَاذِرُ إِذَا بَلَغَ رُوحَكَ التَّرَاقِيَ وَانْقَطَعَ عَنْكَ مَنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُلاقِيَ، كَأَنِّي بِهَا قَدْ بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، وَكُنْتَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ مَغْمُومًا وَقَدِ انْقَطَعَتْ حَاجَتُكَ إِلَى أَهْلِكَ وَأَنْتَ تَرَاهُمْ حَوْلَكَ، وَبَقِيتَ مُرْتَهَنًا بِعَمَلِكَ، الصَّبْرُ مَلاكُ الأَمْرِ وَفِيهِ أَعْظَمُ الأَجْرِ، فَاجْعَلْ ذِكْرَ اللَّهِ مِنْ جُلِّ شَأْنِكَ، وَأَمْلِكْ فِيهَا سِوَى ذَلِكَ لِشَأْنِكَ، ثُمَّ بَكَى أَبُو مُعَاوِيَةَ بُكَاءً شَدِيدًا، ثُمَّ قَالَ: أَوْهُ مِنْ يَوْمِ يَتَغَيَّرُ فِيهِ لَوْنِي، وَيَتَلَجْلَجُ فِيهِ لِسَانِي، وَيَجِفُّ فِيهِ رِيقِي، وَيَقِلُّ فِيهِ زَادِي، فَقِيلَ: يَا أَبَا مُعَاوِيَةَ مَنْ قَالَ هَذَا؟ قَالَ: الْحَكِيمُ
٠ - وَبِهِ أنبا ابْنُ بَاكَوَيْهِ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ الأَسْلَمِيُّ، وَكَانَ خَادِمًا لأَبِي مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدِ، قَالَ: كَانَ أَبُو مُعَاوِيَةَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ نَشَرَ الْمُصْحَفَ وَفَتَحَهُ فِيرَدَّ اللَّهُ بَصَرَهُ، وَإِذَا أَطْبَقَ الْمُصْحَفَ ذَهَبَ بَصَرُهُ
٠ - وَأنبا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، إِذْنًا، أنبا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، أنبا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْفَارِسِيَّ، يَقُولُ: بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ ذِي النَّوَى أُصِيبَ بِعَقْلِهِ، فَكَانَ يَطُوفُ وَيَقُولُ: أَيْنَ قَلْبِي؟ أَيْنَ قَلْبِي؟ مَنْ وَجَدَ قَلْبِي؟ وَالصِّبْيَانُ. . . . .
1 / 21