Juz' Min Takhreej Ahmad Ibn Abdul-Wahid Al-Bukhari
جزء من تخريج أحمد بن عبد الواحد البخاري
Mai Buga Littafi
مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم المجاني التابع لموقع الشبكة الإسلامية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
٢٠٠٤
Nau'ikan
مِنْ تَخْرِيجِ الشَّيْخِ الإِمَامِ الْعَلامَّةِ شَمْسِ الدِّينِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيِّ، الْمَعْرُوفِ بِالْبُخَارِيِّ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبِهِ نَسْتَعِينُ
1 / 1
١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، كِتَابَةً، أنبا مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، أنبا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، أنبا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ يَحْيَى الْمُعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " سَيُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي عَلَى رَؤُوسِ الْخَلائِقِ، وَيُنْشَرُ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلا كُلُّ سَجِلٍّ مِنْهَا مَدُّ الْبَصَرِ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ فَيَقُولُ: لا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَلَكَ عُذْرٌ أَوْ حَسَنَةٌ؟ فَيَهَابُ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: لا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ، وَإِنَّهُ لا ظُلْمَ عَلَيْكَ، فَيُخْرِجُ لَهُ بِطَاقَةً فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاتِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لا تُظْلَمُ، فَتُوضَعُ السِّجِلاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلاتُ وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ "
1 / 2
٢ - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، إِذْنًا، أنبا مَحْمُودٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا آدَمُ، عَنْ مَنْصُورِ، عَنْ سَعِيدٍ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ: " يَأْتِي اللَّهُ ﷿ بِالْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي حِجَابَهِ، فَيَقُولُ لَهُ: اقْرَأْ صَحِيفَتَكَ فَيَقْرَأُ، وَيُقَرِّرُهُ بِذَنْبٍ ذَنْبٍ، وَيَقُولُ لَهُ: أَتَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: اقْرَأْ، فَيَقْرَأُ، وَيَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، فَيَقُولُ: لا بَأْسَ عَلَيْكَ عَبْدِي إِنَّكَ فِي سِتْرِي لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى ذُنُوبِكَ غَيْرِي "
1 / 3
٣ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، كِتَابَةً، أنبا يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الطَّرَّاحِ، أنبا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقَّورِ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ هَارُونَ الضَّبِّيُّ، ثنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَشْرَسِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَى، ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ ﷿ أَعْطَانِي مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ، وَجَعَلَ لأُمَّتِي فِي الصَّلاةِ عَلَيَّ أَفْضَلَ الدَّرَجَاتِ، وَإِنَّ اللَّهَ ﷿ وَكَّلَ بِقَبْرِي مَلَكًا يَسْتَغْفِرُ لِلْمُصَلِّينَ عَلَيَّ وَيُبَلِّغُنِي صَلاتَهُمْ عَلَيَّ وَسَلامَهُمْ»
1 / 4
٤ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارْفَانِيُّ، إِذْنًا، أنبا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أنبا الإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فُورَانَ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبُخَارِيُّ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْرَوَيْهِ، ثنا أَبُو أَحْمَدُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَى، قَالَ: نا زَاهِرٌ، وَأنبا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَحَّاثِيُّ، أنبا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ الزَّوْزَنِيُّ، قَالَ: وَأنبا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ أنبا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْمُفَسِّرُ، قَالا: أنبا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَفِيدُ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِيُّ، بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَى، حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَقُولُ اللَّهُ ﷿: «يَا ابْنَ آدَمَ مَا تُنْصِفُنِي، أَتَحَبَّبُ إِلَيْكَ بِالنِّعَمِ وَتَتْمَقَّتُ إِلَيَّ بِالْمَعَاصِي، خَيْرِي إِلَيْكَ يَنْزِلُ، وَشِرْكُكَ إِلَيَّ صَاعِدٌ، وَلا يَزَالُ مَلَكٌ كَرِيمٌ يَأْتِينِي عَنْكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِعَمَلٍ قَبِيحٍ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ سَمِعْتَ وَصْفَكَ مِنْ غَيْرِكَ وَأَنْتَ لا تَعْلَمُ مَنِ الْمَوْصُوفُ لَسَارَعْتَ إِلَى مَقْتِهِ»
1 / 5
٥ - وَبِهَذَا الإِسْنَادِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ ﷿ خَلَقَ عَمُودًا مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ رَأْسُهُ تَحْتَ العرش، وَأَسْفَلُهُ عَلَى ظَهْرِ الْحُوتِ فِي الأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِنْ نِيَّةٍ صَادِقَةٍ اهْتَزَّ الْعَرْشُ وَتَحَرَّكَ الْعَمُودُ وَتَحَرَّكَ الْحُوتُ، فَيَقُولُ اللَّهُ ﷿: «اشْهَدُوا سُكَّانَ سَمَاوَاتِي أَنِّي غَفَرْتُ لَهُ»
1 / 6
٦ - وَأَنْبَأَنَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَزَّازُ، أنبا أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ الْمُخْتَارِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا شَاصُونَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِي مَعْرِضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: لَمَّا حَجَجْتُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ دَخَلْتُ دَارًا بِمَكَّةَ، فَرَأَيْتُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَأَنَّ وَجْهَهُ دَارَةُ الْقَمَرِ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ عَجَبًا، جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ بِصَبِيٍّ يَوْمَ وُلِدَ وَقَدْ لَفَّهُ فِي خِرْقَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله: «يَا غُلامُ مَنْ أَنَا؟» قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: «صَدَقْتَ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ»
ثُمَّ إِنَّ الْغُلامَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بَعْدَهَا حَتَّى شَبَّ، فَكُنَّا نُسَمِّيهِ مُبَارَكَ الْيَمَامَةِ
1 / 7
٧ - أَخْبَرَنَا إِذْنًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، أنبا مَحْمُودٍ الصَّيْرَفِيُّ، أنبا أَبُو بَكْرِ بْنُ شَاذَانَ، أنبا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا حَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الشَّاعِرُ، ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيُّ، ثنا نُعَيْمُ بْنُ ضَمْضَمٍ، ثنا عِمْرَانُ بْنُ حِمْيَرِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " إِنَّ اللَّهَ ﷿ أَعْطَى مَلَكًا مِنَ الْمَلائِكَةِ أَسْمَاعَ الْخَلائِقِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى قَبْرِي حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي يُصَلِّي عَلَيَّ صَلاةً إِلا قَالَ: يَا أَحْمَدُ فُلانُ ابْنُ فُلانٍ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ صَلَّى عَلَيْكَ بِكَذَا وَكَذَا، وَضَمِنَ الرَّبُّ ﷿ إِنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَإِنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ ﷿ "
1 / 8
٨ - أنبا مَحْمُودٌ، أنبا إِسْمَاعِيلُ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، ثنا ابْنُ جَعْفَرِ بْنُ مَطَرٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيْسَ يَتَحَسَّرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلا عَلَى سَاعَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ ﷿ فِيهَا»
٩ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ، أنبا الرَّئِيسُ أَبُو الْفَرَجِ، أنبا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَنْدَهْ، أنبا ابْنُ بَرَّةَ، أنبا اللِّبْنَانِيُّ، أنبا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: قَالَ هَنَّادٌ الْمُنَقِّرِيُّ: خَرَجْتُ يَوْمًا أُرِيدُ الْجَبَّانَ، فَإِذَا ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَحْمِلُونَ جَنَازَةً وَمَعَهُمُ امْرَأَةٌ، فَحَمَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتِ إِلَى الْجَبَّانِ، فَقُلْتُ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، فَقَالُوا: أَنْتَ تُصَلِّي عَلَيْهِ فَإِنَّمَا نَحْنُ حَمَّالُونَ، فَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ وَدَفَنَّاهُ، فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ إِذْ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فَأُرِيتُ فِي مَنَامِي، فَقِيلَ لِي: قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لِلْمَيِّتِ، قَالَ: فَانْتَبَهْتُ فَزِعًا، فَسَأَلْتُ عَنْ أَمْرِهِ، فَقِيلَ لِي: سَلِ الْمَرْأَةَ فَهِيَ أُمُّهُ، فَسَأَلْتُهَا، فَقَالَتْ: مَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ؟ فَأَخْبَرْتُهَا، فَحَمِدَتِ اللَّهَ تَعَالَى، وَقَالَتْ: كَاَن ابْنِي مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا احْتُضِرَ قَالَ: يَا أُمَّاهُ أَلْصِقِي خَدِّي بِالتُّرَابِ، فَفَعَلْتُ، فَقَالَ: ضَعِي قَدَمَكِ عَلَيْهِ وَاسْتَوْهِبِينِي مِنْ رَبِّي ﷿ لَعَلَّهُ أَنْ يَرْحَمَنِي، وَاقْلَعِي فَصَّ خَاتَمِي فَإِنَّ فِيهِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاجْعَلِيهِ فِي كَفَنِي لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَنْفَعَنِي، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِ
1 / 9
٩ - أَخْبَرَنَا مَحْمُودٌ، أنبا الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ، أنبا أَبُو الطَّيِّبِ، أنبا أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، ثنا أَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسِيُّ، ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِّيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ الْبَخِيلَ مَنْ إِذَا ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، ﷺ»
1 / 10
١٠ - قَالَ: زَعِمَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ الْوَاسِطِيُّ، ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنِ ابْنِ أَخِي الشَّعْبِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ بِعَشَرَةِ أَوْلادٍ لَهَا، فَقَالَتْ: هَؤُلاءِ أَوْلادِي اغْزُ بِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَغْزُو بِهِمْ، وَكَانَتْ تَسْأَلُ عَنْهُمُ اللَّهَ، حَتَّى اسْتُشْهِدَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ، فَكَانَتْ بِمَنْ مَضَى مِنْهُمْ أَشَدَّ فَرَحًا مِنْهَا بِمَنْ بَقِيَ، حَتَّى بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وكَانَ أَصْغَرَهُمْ، وَكَانَ فِيهِ الْتِوَاءٌ، فَمَرِضَ، فَكَانَتْ عِنْدَ رَأْسِهِ تُمَرِّضُهُ وَتَبْكِي، فَقَالَ: يَا أُمَّاهُ مَا لَكِ؟ لِمَ تَبْكِينَ لإِخْوَتِي كَانُوا خَيْرًا لَكِ مِنِّي، وَكَانَ فِيَّ عَلَيْكِ الْتِوَاءٌ، قَالَتْ: لِذَاكَ أَبْكِي، قَالَ: يَا أُمَّاهُ أَرَأَيْتِ لَوْ أَنَّ النَّارَ بَيْنَ يَدَيْكِ أَكُنْتِ تُلْقِينِي فِيهَا؟ قَالَتْ: لا، قَالَ: فَإِنَّ رَبِّي أَرْحَمُ بِي مِنْكِ، فَمَاتَ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ ابْنَكِ قَدْ غُفِرَ لَهُ بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ» قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " إِنَّ عَبْدًا فِي جَهَنَّمَ يُنَادِي أَلْفَ سَنَةٍ: يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، فَيَقُولُ اللَّهُ ﷿ لِجِبْرِيلَ ﵇: اذْهَبْ ائْتِنِي بِعَبْدِي هَذَا، فَيَذْهَبُ فَيَجِدُ أَهْلَ النَّارِ مُنْكَبِّينَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فَيَرْجِعُ إِلَى رَبِّهِ ﷿ فَيُخْبِرُهُ، فَيَقُولُ: ائْتِنِي بِعَبْدِي فَإِنَّهُ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَيَجِيءُ بِهِ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقُولُ: يَا عَبْدِي كَيْفَ وَجَدْتَ مَكَانَكَ؟ وَكَيْفَ وَجَدْتَ مَقِيلَكَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا كُنْتُ أَرْجُو إِذْ أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا أَنْ تُعِيدَنِي فِيهَا، فَيَقُولُ اللَّهُ ﷿: دَعُوا عَبْدِي "
١١ - وَعَنْ دَاوُدَ بْنِ الْمُحَبِّرِ، حَدَّثَنِي أَعْيَنُ الْخَيَّاطُ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَنَامِي بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلامَ، قَالَ: أَنَا مَيِّتٌ، فَكَيْفَ أَرُدُّ السَّلامَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَمَاذَا لَقِيتَ يَوْمَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَا مَالِكٍ عِنْدَ ذَلِكَ، قَالَ: لَقِيتُ وَاللَّهِ أَهْوَالا، وَزَلازِلَ عِظَامًا شِدَادًا، قُلْتُ: فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا تَرَاهُ يَكُونُ مِنَ الْكَرِيمِ، قَبِلَ مِنَّا الْحَسَنَاتِ، وَعَفَا لَنَا عَنِ السَّيِّئَاتِ، وَمَحَا عَنَّا التَّبِعَاتِ، قَالَ: ثُمَّ شَهِقَ مَالِكٌ شَهْقَةً خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَلَبِثَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيَّامًا مَرِيضًا مِنْ غَشْيَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ، وَيَرَوْنَ أَنَّ قَلْبَهُ انْصَدَعَ
١١ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أنبا أَبُو بَكْرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أنبا مَعْرُوفُ بْنُ وَاصِلٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَدَقَةَ، قَالَ: أَخَذَ جِبْرِيلُ ﵇ يَوْمًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ طُوبَى لأُمَّتِكَ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ
1 / 11
١١ - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَلِيٍّ. . . .، أنبا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمَيْهَنِيُّ، أنبا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أنبا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ التَّاجِرُ، أنبا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، ثنا عَمَّارُ بْنُ الْحَسَنِ، أنبا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: اسْتَعَرْتُ إِبْرَةً مِنْ حَفْصَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ، كُنْتُ أُخَيِّطُ بِهَا ثَوْبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَسَقَطَتْ عَنِّي الإِبْرَةُ، فَطَلَبْتُهَا، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَتَبَيَّنْتُ الإِبْرَةَ بِشُعَاعِ نُورِ وَجْهِهِ، فَضَحِكْتُ، فَقَالَ: «مِمَّا ضِحِكْتِ؟» فَقُلْتُ: كَانَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «يَا عَائِشَةُ الْوَيْلُ ثُمَّ الْوَيْلُ ثَلاثًا لِمَنْ حُرِمَ النَّظَرَ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ، مَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلا كَافِرٍ إِلا وَيَشْتَهِي أَنْ يَنْظُرَ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ»
1 / 12
١٢ - وَأَخْبَرَنَا أَسْعَدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ، أنبا جَعْفَرٌ الثَّقَفِيُّ، أنبا أَبُو طَاهِرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أنبا أَبُو الشَّيْخِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْعُمَرِيُّ، ثنا عَاصِمُ بْنُ مُضَرِّسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمًا الْمَدَائِنِيَّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ ذَبَحَ نُسُكَهُ يَوْمَ الأَضْحَى ثُمَّ قَامَ إِلَى مَسْجِدِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يَسْلِ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، مَا لَمْ يَسْلْ قَطِيعَةَ رَحِمٍ، أَوْ ظُلْمِ مُسْلِمٍ»
١٣ - أَنْبَأَنَا الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ، أنبا أَبُو الْمَحَاسِنِ، أنبا الْحَافِظُ أَبُو شُجَاعٍ، أنبا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، إِجَازَةً، سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ مَسْرُوقٍ، سَمِعْتُ، أَحْمَدَ بْنَ مَنْصُورٍ الطُّوسِيَّ، يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا عُثْمَانَ الْحَارِثَ فِي النَّوْمِ رَاكِبًا بُرَاقًا يَطِيرُ حَوْلَ الْعَرْشِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي، قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِالسُّنَّةِ، قُلْتُ: فَمِنْ أَيْنَ لَكَ بِهَذَا الْبُرَاقِ؟ قَالَ: كَبْشٌ ذَبَحْتُهُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ، فَفَرَّقْتُهُ عَلَى الأَصْدِقَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، لَقِيَنِي لَمَّا دُعِيتُ إِلَى الزِّيَارَةِ، فَقَالَ: ارْكَبْنِي فَإِنِّي أَضْحِيَتُكَ، فَهُوَ ذَا يَطِيرُ بِي حَوْلَ الْعَرْشِ
1 / 13
١٣ - أَخْبَرَنَا مَحْمُودٌ، كِتَابَةً، أنبا إِسْمَاعِيلُ الْحَافِظُ، أنبا أَبُو الْمَعَالِي الشَّرِيفُ، أنبا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُهْتَدِيِّ، أنبا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّارُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَاجِيَةَ، ثنا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، وَابْنُ الأَقْطَعِ، قَالا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْخَوْزِيِّ، عَنْ عَمْرٍو، وَعَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا أَنْفَقْتُ الْوَرِقَ فِي شَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ نُحَيْرَةِ يَوْمِ عِيدٍ»
١٤ - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، كِتَابَةً، أنبا الْقَزَّازُ ، أنبا أَبُو بَكْرٍ الْخَيَّاطُ، أنبا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَلافُ، أنبا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ، أنبا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي أَبُو يَاسِينَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو وَرْدٍ التُّجِيبِيُّ وَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ فِي يَوْمِ عِيدٍ وَقَدْ دَهِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَبَكَى، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِمَوْقِفِ الْقِيَامَةِ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ مَرِيضًا، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ ﵀
١٤ - أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ، إِذْنًا، أنبا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَ جَعْفَرٌ الْخُلْدِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسْيَنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَرَجِ الْعَابِدُ، قَالَ: كَانَ بِالْمَوْصِلِ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ يُكَنَّى أَبَا إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: فَمَرَّ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَتَهَجَّدُ عَلَى سَطْحِهِ، وَيَقْرَأُ ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران: ٨٣] .
قَالَ: فَصَرَخَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ صَرْخَةً غُشِيَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ حَالُهُ ذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَسْلَمَ، ثُمَّ أَتَى فَتْحًا الْمَوْصِلِيَّ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي صُحْبَتِهِ، فَكَانَ يَصْحَبُهُ وَيَخْدِمُهُ، قَالَ: فَبَكَى أَبُو إِسْمَاعِيلَ حَتَّى ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَعُشِّيَ مِنَ الأُخْرَى، فَقُلْتُ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: حَدِّثْنِي بِبَعْضِ أَمْرِ فَتْحٍ الموصلي، قَالَ: فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْهُ، كَانَ وَاللَّهِ كَهَيْئَةِ الرَّوْحَانِيِّينَ مُعَلَّقَ الْقَلْبِ بِمَا هُنَاكَ، لَيْسَتْ لَهُ فِي الدُّنْيَا رَاحَةٌ، قُلْتُ: عَلَى ذَاكَ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَهُ الْعِيدَ ذَاتَ يَوْمٍ بِالْمَوْصِلِ وَرَجَعَ بَعْدَمَا تَفَرَّقَ النَّاسُ، وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَنَظَرَ إِلَى الدُّخَانِ يَفُورُ مِنْ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: قَرَّبَ النَّاسُ قُرْبَانَهُمْ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلْتُ فِي قُرْبَانِي عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَحْبُوبُ.
ثُمَّ سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَجِئْتُ بِمَاءٍ، فَمَسَحْتُ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَأَفَاقَ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى دَخَلَ بَعْضَ أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ أَوْ قَالَ: فَحَتَّى مَتَى تَحْبِسُنِي أَيُّهَا الْمَحْبُوبُ.
ثُمَّ سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَجِئْتُ بِمَاءٍ فَمَسَحْتُ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَأَفَاقَ، فَمَا عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا أَيَّامًا حَتَّى مَاتَ
١٤ - أَجَازَ لَنَا الْحَافِظُ، أنبا أَبُو الْمَحَاسِنُ، أنبا أَبُو شُجَاعٍ، سَمِعْتُ أَبَا ثَابِتٍ الدَّيْلَمِيَّ الْوَاعِظَ، سَمِعْتُ خَاِلي أَبَا حَاتِمٍ أَحْمَدَ بْنَ الْحَسَنِ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْوَاعِظَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ، سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْقُرَشِيَّ، يَقُولُ: ثنا أَبُو ذَرِّ ابْنُ أَبِي رُطَيْلٍ، ثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ فَتْحٍ الْمَوْصِلِيِّ، يَقُولُ: رَأَيْتُ فَتْحًا يَبْكِي ذَاتَ يَوْمٍ حَتَّى صَارَ الدَّمْعُ دَمًا، فَقُلْتُ: يَا فَتْحُ إِنَّا لِلَّهِ هُوَ وَيَبْكِي الدَّمَ مِمَّ ذَا لَوْلا إِنَّكَ حَلَّفْتَنِي مَا أَخْبَرُتَك، فَقُلْتُ لَهُ: مِمَّ الدَّمْعُ؟ فَقَالَ: مِنْ تَقْصِيرِي فِي حَقِّ اللَّهِ ﷿، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ مِمَّ الدَّمُ؟ قَالَ: خِفْتُ أَنْ لا يَكُونَ بُكَائِي لِلَّهِ ﷿، وَلَكِنْ أَكْتُمُهَا عَلَيَّ حَتَّى الْمَمَاتِ، فَلَمَّا أَنْ مَاتَ ْرَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا فَتْحُ مَا فَعَلَ الدَّمُ وَمَا فَعَلَ الدَّمْعُ؟ فَقَالَ: أَوْقَفَنِي الْجَبَّارُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: وَلِمَ بَكَيْتَ الدَّمَ؟ فَقُلْتُ: مَخَافَةَ أَنْ لا يَكُونَ الدَّمْعُ لَكَ خَالِصًا، فَقَالَ: يَا فَتْحُ لَمْ تَجْنَحْ إِلَى هَذَا كُلِّهِ فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي مَا صَعِدَتْ صَحِيفَتُكَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِيهَا خَطِيئَةٌ فَإِنَّ لَكَ بِالدَّمْعِ الْجَنَّةَ وَبِالدَّمِ أَنْ أَرْفَعَ الْحُجُبَ كُلَّهَا عَنْ مَنْ بَكَى بِالدَّمِ، وَلا حِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
١٤ - أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو الْفَرَجِ، إِذْنًا، أنبا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ، أنبا سَعْدٌ الْحِيرِيُّ، أنبا ابْنُ بَالَوَيْهِ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْقُرَشِيُّ، ثنا أَبُو الأَشْهَبِ السَّائِحُ، بَيْنَا أَنَا فِي الطَّوَافِ إِذَا أَنَا بِجُوَيْرِيَةَ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَهِيَ تَقُولُ: يَا وَحْشَتِي بَعْدَ الأُنْسِ، وَيَا ذُلِّي بَعْدَ الْعِزِّ، وَيَا فَقْرِي بَعْدَ الْغِنَى، فَقُلْتُ لَهَا: مَا لَكِ؟ أَذَهَبَ لَكِ مَالٌ؟ أَوْ أُصِبْتِ بِمُصِيبَةٍ؟ قَالَتْ: لا، وَلَكِنْ كَانَ لِي قَلْبٍ فَقَدْتُهُ، قُلْتُ: وَهَذِهِ مُصِيبَتُكِ؟ قَالَتْ: وَأَيَّةُ مُصِيبَةٍ أَعْظَمُ مِنْ فَقْدِ الْقُلُوبِ وَانْقِطَاعِهَا عَنِ الْمَحْبُوبِ، فَقُلْتُ لَهَا: إِنَّ حُسْنَ صَوْتِكَ قَدْ عَطَّلَ عَلَيَّ سَامِعِيهِ الطَّوَافَ، فَقَالَتْ: يَا شَيْخَ الْبَيْتِ بَيْتُكَ أَمْ بَيْتُهُ، وَالْحَرَمُ حَرَمُكَ أَمْ حَرَمُهُ، قُلْتُ: بَلْ بَيْتُهُ وَحَرَمُهُ، قَالَتْ: فَدَعْنَا نَتَدَلَّلُ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ مَا اسْتَزَارَنَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَتْ: بِحُبِّكَ لِي أَلا رَدَدْتَ عَلَيَّ قَلْبِي، فَقُلْتُ لَهَا: مِنْ أَيْنَ تَعْلَمِينَ أَنَّهُ يُحِبُّكِ؟ قَالَتْ: بِالْعِنَايَةِ الْقَدِيمَةِ، جَيَّشَ مِنْ أَجْلِي الْجُيُوشَ، وَأَنْفَقَ الأَمْوَالَ، وَأَخْرَجَنِي مِنْ بِلادِ الشِّرْكِ، وَأَدْخَلَنِي فِي التَّوْحِيدِ، وَعَرَّفَنِي نَفْسَهُ، فَهَلْ هَذَا لِعِنَايَةٍ قَدِيمَةٍ، قُلْتُ: كَيْفَ حُبُّكِ لَهُ؟ قَالَتْ: أَعَظِّمُ شَيْءٍ وَأَجَلَّهُ
١٤ - بَلَغَنَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصِ، قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَنُودِيتُ فِي سِرِّي، سِرْ إِلَى بِلادِ الرُّومِ، فَقُلْتُ: يَا عَجَبًا أَكُونُ بِبَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَأَتْرُكُهُ وَأَمْضِي إِلَى بِلادِ الرُّومِ، ثُمَّ هَمَمْتُ بِالطَّوَافِ فَلَمْ أَسْتَطِعْ، فَخَرَجْتُ إِلَى بِلادِ الرُّومِ، فَلَمَّا دَخَلْتُهَا سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ، إِنَّ بِنْتَ مَلِكِنَا قَدْ صُرِعَتْ وَقَدْ عُرِضَتْ عَلَى كُلِّ الأَطِبَّاءِ فَمَا عَرَفُوا لَهَا دَوَاءً، فَقُلْتُ: إِلَيَّ إِلَيْهَا فَأَنَا غُلامُ الطَّبِيبِ، فَحُمِلْتُ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: مَرْحَبًا يَا خَوَّاصُ، فَقُلْتُ: مَا لَكِ؟ فَقَالَتْ: كُنْتُ فِي دِينِنَا حَتَّى الْبَارِحَةِ فَإِنِّي نَائِمَةٌ، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ عَرْشَ رَبِّي بَارِزًا فَانْتَبَهْتُ كَمَا تَرَى لا يَنْطِقُ لِسَانِي إِلا بِقَوْلِ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَلَمَّا رَأَوْنِي هَكَذَا نَسَبُونِي إِلَى الْجُنُونِ، فَقُلْتُ: لَعَلَّ اللَّهَ يَخْلَعُكَ مِنْهُمْ، فَمِنْ أَيْنَ عَرَفْتِ اسْمِي؟ قَالَتْ: نُودِيتُ سَنَبْعَثُ لَكِ مَنْ تَسْلَمِينَ عَلَى يَدَيْهِ فَأُلْهِمْتُ ذِكْرَكَ، فَهَمَمْتُ بِالنُّهُوضِ، فَقَالَتْ: إِلَى أَيْنَ؟ قُلْتُ: إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَتْ: هَا هِيَ مَكَّةُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا مَكَّةُ، فَسِرْتُ قَلِيلا فَإِذَا أَنَا بِالْبَيْتِ
1 / 14
١٤ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أنبا الْحَسَنُ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَعِيدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ يُوسُفَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي إِلْيَاسٍ، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ ﷿ حِينَ فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ نَظَرَ إِلَيْهِمْ حِينَ مَشَوْا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، فَقَالَ: «أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا، أَنَا الَّذِي خَلَقْتُكَ بِقُوَّتِي وَأَتْقَنْتُكَ بِحِكْمَتِي، حَقٌّ قَضَائِي وَنَافِذٌ أَمْرِي، أَنَا أُعِيدُكَ كَمَا خَلَقْتُكَ وَأُفْنِيكَ حَتَّى أَبْقَى وَحْدِي، فَإِنَّ الْمُلْكَ وَالْخُلُودَ لا يَحِقُّ إِلا لِي، أَدْعُو خَلْقِي وَأَجْمَعُهُمْ لِقَضَائِي يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَائِي، وَتَجِلُ الْقُلُوبُ مِنْ خَوْفِي وَتَحِفُّ الأَقْدَامُ مِنْ هَيْبَتِي، وَتَبْرَأُ الآلِهَةُ مِمَّنْ عَبَدَهَا دُونِي»
1 / 15
١٥ - قَالَ: وَذَكَرَ وَهْبٌ أَنَّ اللَّهَ ﷿ لَمَّا فَرَغَ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَقْبَلَ يَوْمَ السَّبْتِ يَمْدَحُ نَفْسَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، فَأَنْصَتَ كُلُّ شَيْءٍ وَأَطْرَقَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، فَقَالَ: " أَنَا الْمَلِكُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ذُو الرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ وَالأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ وَالأَمْثَالِ الْعُلا، أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ذُو الْمَنِّ وَالطَّوْلِ وَالآلاءِ وَالْكِبْرِيَاءِ، أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ، مَلأَتْ كُلَّ شَيْءٍ عَظَمَتِي، وَقَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ مُلْكِي، وَأَحَاطَتْ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَتِي، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عِلْمِي، وَوِسَعَتْ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَتِي، وَبَلَغَ كُلَّ شَيْءٍ لُطْفِي، وَأَنَا اللَّهُ يَا مَعْشَرَ الْخَلائِقِ فَاعْرِفُوا مَكَانِي فَلَيْسَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ إِلا أَنَا وَخَلْقِي كُلُّهُمْ لِي لا يَقُومُ وَلا يَدُومُ إِلا بِي يَتَقَلَّبُ فِي قَبْضَتِي وَيَعِيشُ فِي رِزْقِي، وَحَيَاتُهُ وَمَوْتُهُ بِيَدِي، فَلَيْسَ لَهُ مَحِيصٌ وَلا مَلْجَأٌ غَيْرِي، لَوْ تَخَلَّيْتُ عَنْهُ إِذٌا لَدُمِّرَ كُلُّهُ وَإِذا لَكُنْتُ أَنَا عَلَى حَالِي لا يَنْقُصُنِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلا يَزِيدُنِي، وَأَنَا مُسْتَغْنٍ بِالْعِزِّ كُلِّهِ فِي جَبَرُوتِي وَمُلْكِي وَعُلُوِّ مَكَانِي وَعَظَمَةِ شَأْنِي، فَلا شَيْءَ مِثْلِي وَلا إِلَهَ غَيْرِي وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ خَلَقْتُهُ أَنْ يَعْدِلَ بِي وَلا يُنْكِرَنِي، فَكَيْفَ يُنْكِرُنِي مَنْ خَلَقْتُهُ يَوْمَ خَلَقْتُهُ عَلَى مَعْرِفَتِي؟ أَمْ كَيْفَ يُكَابِرُنِي مَنْ قَدْ قَهَرَهُ مُلْكِي؟ فَلَيْسَ لَهُ خَالِقٌ وَلا بَاعِثٌ وَلا وَارِثٌ غَيْرِي، أَمْ كَيْفَ يُعَادِينِي مَنْ نَاصِيَتُهُ بِيَدِي؟ أَمْ يَسْتَنْكِفُ عَنْ عِبَادَتِي عَبْدِي وَابْنُ عِبَادِي وَابْنُ إِمَائِي لا يُنْسَبُ إِلَى خَالِقٍ وَلا وَارِثٍ غَيْرِي، أَمْ كَيْفَ يَعْبُدُ دُونِي مَنْ تَخْلُقُهُ الأَيَّامُ وَيَفْنَى أَجَلُهُ اخْتِلافَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؟ وَهُمَا شُعْبَةٌ يَسِيرَةٌ مِنْ سُلْطَانِي، فَإِلَيَّ إِلَيَّ يَا أَهْلَ الْمَوْتِ وَاْلفَنَاءِ، لا إِلَى غَيْرِي فَإِنِّي كَتَبْتُ الرَّحْمَةَ عَلَى نَفْسِي وَقَضَيْتُ الْعَفْوُ وَالْمَغْفِرَةَ لِمَنِ اسْتَغْفَرَنِي، أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا، وَلا يَكْبُرُ ذَلِكَ عَلَيَّ، فَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَلا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَتِي فَإِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي، وَخَزَائِنَ الْخَيْرِ كُلَّهَا بِيَدِي، وَلَمْ أَخْلُقْ شَيْئًا مِمَّا خَلَقْتُ لِحَاجَةٍ كَانَتْ مِنِّي إِلَيْهِ، وَلَكِنْ لأُبَيِّنَ بِهِ قُدْرَتِي وَلِيَنْظُرَ النَّاظِرُونُ فِي مُلْكِي وَتَدْبِيرِ حِكْمَتِي، وَلِتَدِينَ الْخَلائِقُ كُلُّهَا لِعِزَّتِي، وَيُسَبِّحَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ بِحَمْدِي، وَلِتَعْن الْوُجُوهُ كُلُّهَا لِوَجْهِي
1 / 16
١٦ - أَنْبَأَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الآبُرِّيُّ، كِتَابَةً، أنبا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَلْحَةَ، أنبا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحِنَّائِيُّ، أنبا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، أنبا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زُفَرَ الأَصْبَهَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْهَاشِمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ الْحِمْصِيُّ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو السَّكْسَكِيُّ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: كَذَا، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: كَذَا هُوَ عِنْدَنَا عَلَى أَبِي شِمْرٍ التَّدْمُرِيَّ، عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَى آدَمَ ﵇ عَصِيَّا الأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ابْنِه شَيْثٍ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي فَخُذْهَا بِقَسْمِيْهَا: التَّقْوَى، وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَكُلَّمَا ذَكَرْتُ اللَّهَ تَعَالَى إِلَى جَنْبِهِ اسْمُ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَإِنِّي رَأَيْتُ اسْمَهُ مَكْتُوبًا عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ وَأَنَا بَيْنَ الرُّوحِ وَالطِّينِ، ثُمَّ إِنِّي طُفْتُ السَّمَوَاتِ فَلَمْ أَرَ فِي السَّمَوَاتِ مَوْضِعًا إِلا رَأَيْتُ اسْمَ مُحَمَّدٍ ﷺ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ، وَإِنَّ رَبِّي ﷿ أَسْكَنَنِي الْجَنَّةَ فَلَمْ أَرَ فِي الْجَنَّةِ قَصْرًا وَلا غُرْفَةَ إِلا رَأَيْتُ اسْمَ مُحَمَّدٍ ﷺ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ اسْمَ مُحَمَّدٍ ﷺ مَكْتُوبًا عَلَى نُحُورِ الْحُورِ الْعِينِ، وَعَلَى وَرَقِ شَجَرَةِ طُوبَى، وَعَلَى وَرَقِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَعَلَى أَطْرَافِ الْحُجُبِ، وَبَيْنَ أَعْيُنِ الْمَلائِكَةِ، فَأَكْثِرْ ذِكْرَهَا فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَذْكُرُهَا فِي كُلِّ سَاعَاتِهَا، ﷺ
1 / 17
١٧ - وَأنبا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي، بِوَاسِطَ، كِتَابَةً، وَيَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ سَمَاعًا، أنبا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُصَيْنِ، أنبا أَبُو عَلِيٍّ، أنبا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، أنبا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، إِنَّهُ قَالَ: " إِنَّ مُوسَى ﵇ سَأَلَ رَبَّهُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ عَبْدُكَ الْمُؤْمِنُ تَقْتُرُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، قَالَ: فَيَفْتَحُ لَهُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَنَظَرَ فِيهَا، قَالَ: «يَا مُوسَى هَذَا مَا أَعْدَدْتُ لَهُ»، قَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَوْ كَانَ أَقْطَعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ يُسْحَبُ عَلَى وَجْهِهِ مُنْذُ يَوْمَ خَلَقْتَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ هَذَا مَصِيرَهُ لَمْ يَرَ بُؤْسًا قَطُّ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ عَبْدُكَ الْكَافِرُ تُوسِعُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، قَالَ: فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ، قَالَ: «يَا مُوسَى هَذَا مَا أَعْدَدْتُ لَهُ»، قَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَوْ كَانَ لَهُ الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْمَ خَلَقْتَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ هَذَا مَصِيرَهُ لَمْ يَرَ خَيْرًا قَطُّ
1 / 18
١٨ - أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، كِتَابَةً، أنبا أَبُو الْفَتْحِ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنبا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، أنبا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحِنَّائِيُّ، أنبا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخَتَلِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مُحَّمَدٍ وَهْبُ بْنُ مَنْصُورٍ الْوَرَّاقُ، ثنا الْيَمَانُ أَبُو الْحَسَنِ الْقُرَشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " إِنَّ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ مِنْ مُوَحِّدِي الأُمَمِ كُلِّهَا الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى كَبَائِرِهِمْ غَيْرَ تَائِبِينَ وَلا نَادِمِينَ، مَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنْهُمْ مِنَ الْبَابِ الأَوَّلِ مِنْ جَهَنَّمَ لا تُزَرَّقُ أَعْيُنُهُمْ، وَلا تُسَوَّدُ وُجُوهُهُمْ، وَلا يُقَرَّنُونَ بِالشَّيَاطِينَ، وَلا يُغَلُّونَ بِالسَّلاسِلِ، وَلا يُجْرَعُونَ الْحَمِيمَ، وَلا يُلْبَسُونَ الْقَطِرَانَ، مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى قَدَمَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى حَنْجَرَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى عُنُقِهِ، عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، حَرَّمَ اللَّهُ أَجْسَادَهُمْ عَلَى الْخُلُودِ مِنْ أَجْلِ التَّوْحِيدِ، وَصَوَّرَهُمْ عَلَى النَّارِ مِنْ أَجْلِ السُّجُودِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْكُثُ فِيهَا شَهْرٌا ثُمَّ يَخْرُجُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْكُثُ فِيهَا سَنَةً، وَأَكْثَرُهُمْ فِيهَا مُكْثًا بِقَدْرِ الدُّنْيَا مُنْذُ خُلِقَتْ إِلَى يَوْمِ تَفْنَى، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُمْ وَيُخْرِجَهُمْ، قَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَمَنْ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ الأَدْيَانِ لِمَنْ فِي النَّارِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ: آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، فَأَنْتُمْ وَنَحْنُ الْيَوْمَ فِي النَّارِ سَوَاءٌ، قَالَ: فَيَغْضَبُ اللَّهُ ﵎ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْهُ لِشَيْءٍ فِيمَا مَضَى، فَيُخْرِجُهُمْ إِلَى عَيْنٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالصِّرَاطِ، فَيَنْبُتُونَ فِيهَا كَنَبَاتِ الطَّرَاثِيثِ، أَوْ كَنَبَاتِ الْحَبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ مِمَّا يَلِي الشَّمْسَ مِنْهُ أَحْمَرُ، وَمَا يَلِي الظِّلَّ مِنْهُ أَخْضَرُ، وَمَا يَلِي الطَّلَّ مِنْهُ أَصْفَرُ، ثُمَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مَكْتُوبًا فِي جِبَاهِهِمْ: هَؤُلاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ ﷿ مِنَ النَّارِ، فَيَمْكُثُونَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ﷿، ثُمَّ يَسْأَلُونَ اللَّهَ ﷿ أَنْ يَمْحُوَ عَنْهُمْ ذَلِكَ الاسْمَ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ ﷿ إِلَيْهِمْ مَلَكًا فَيَمْحُوهُ عَنْهُمْ، يَقُولُ اللَّهُ ﷿ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: «اطَّلِعُوا إِلَى مَنْ بَقِيَ فِي النَّارِ» .
فَيَطَّلِعُونَ، فَيَقُولُونَ: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ [المدثر: ٤٢]
بَعْدَ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْهَا: ﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ [المدثر: ٤٣]، أَيْ إِنَّا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَلَوْ كُنَّا مِنْهُمْ لَخَرَجْنَا مَعَهُمْ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ بِمَسَامِيرَ مِنْ نَارٍ، وَأَطْبَاقٍ مِنْ نَارٍ فَيُطْبِقُونَهَا بِتِلْكَ الأَطْبَاقِ، وَيُسْمِرُونَهَا بِتِلْكَ الْمَسَامِيرِ، فَيَتَنَاسَاهُمُ الْجَبَّارُ عَلَى عَرْشِهِ، وَيَشْتَغِلُ عَنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِنَعِيمِهِمْ وَلَذَّتِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]
1 / 19
١٩ - وَبِالإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثنا عَبْدُ الْمُنْعِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا، لَمَّا قُتِلَ رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ رُوحَهُ، ثُمَّ أُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: " يَا يَحْيَى هَذَا عَمَلُكَ الَّذِي عَمِلْتَهُ، وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ ثَوَابَ عَمَلِكَ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرًا، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، قَالَ: فَرَأَى يَحْيَى إِلَى ثَوَابِ عَمَلِهِ، فَإِذَا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الثَّوَابِ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا يَحْيَى هَذَا عَمَلُكَ، وَهَذَا ثَوَابُهُ، فَأَيْنَ نَعْمَائِي عَلَيْكَ؟ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلائِكَةِ: أَخْرِجُوا نَعْمَائِي عَلَيْهِ، فَأَخْرَجُوا نِعْمَةً وَاحِدَةً مِنْ نِعَمِهِ، فَإِذَا قَدِ اسْتَوْعَبَتْ جَمِيعَ أَعْمَالِهِ وَالثَّوَابَ، فَقَالَ يَحْيَى: إِلَهِي مَا هَذِهِ النِّعْمَةُ الْجَلِيلَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي قَدِ اسْتَوْعَبَتْ جِمِيعَ عَمَلِي وَعَشَرَةَ أَضْعَافِ ثَوَابِهَا؟ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا يَحْيَى هَذِهِ النِّعْمَةُ الْجَلِيلَةُ الْعَظِيمَةُ مَعْرِفَتُكَ بِي ".
فَخَرَّ يَحْيَى لِوَجْهِهِ، فَقَالَ: إِلَهِي جَازِنِي بِرَحْمَتِكَ وَبِفَضْلِكَ لا بِعَمَلِي
٢٠ - وَحَدَّثَ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، أنبا أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، أنبا أَبُو الْحُسَيْنِ السُّكِّرِيُّ، أنبا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ، أنبا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ تَوْبَةُ بْنُ الصِّمَّةِ بِالرَّقَّةِ، وَكَانَ مُحَاسِبًا لِنَفْسِهِ فَحَسَبَ، فَإِذَا هُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً فَحَسَبَ أَيَّامَهَا فَإِذَا وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا يَوْمٍ وَخَمْسُ مِائَةِ يَوْمٍ، فَصَرَخَ، وَقَالَ: يَا وَيْلَتِي أَلْقَى الْمَلِيكَ بِوَاحِدٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ ذَنْبٍ، كَيْفَ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ عَشَرَةُ آلافِ ذَنْبٍ، ثُمَّ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ، قَائِلا يَقُولُ: تِلْكَ رَكْضَةُ إلى الْفِرْدَوْسِ الأَعْلَى
٢٠ - وَبِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ زَمَانًا، فَأَشْرَفَ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ، فَأُفْتِنَ بِهَا وَهَمَّ بِهَا، فَأَخْرَجَ رِجْلَهُ لِيَنْزِلَ إِلَيْهَا، فَأَدْرَكَهُ اللَّهُ ﷿ بِسَابِقَةٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أُرِيدُ أَنْ أَصْنَعَ، وَرَجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ، وَجَاءَتْهُ الْعِصْمَةُ، فَنَدِمَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعِيدَ رِجْلَهُ فِي الصَّوْمَعَةِ، قَالَ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، رَجُلٌ خَرَجْتَ تُرِيدُ أَنْ تَعْصِيَ اللَّهَ ﷿ تَعُودُ مَعِيَ فِي صَوْمَعَتِي لا يَكُونُ وَاللَّهِ ذَلِكَ أَبَدًا، فَتَرَكَهَا وَاللَّهِ مُعْلَقَّةً فِي الصَّوْمَعَةِ، تُصِيبُهَا الأَمْطَارُ، وَالرِّيَاحُ، وَالشَّمْسُ، وَالثَّلْجُ حَتَّى تَقَطَّعَتْ فَسَقَطَتْ فَشَكَرَ اللَّهُ ﷿ لَهُ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَذُو الرِّجْلِ، يَذْكُرُهُ بِذَلِكَ "
٢٠ - وَبِهِ أنبا أَبُو بَكْرٍ، أنبا الْفَتْحُ، أنبا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أنبا أَبُو الْحَسَنِ، أنبا أَبُو إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي الْيَمَانُ بْنُ عِيسَى أَبُو سَهْلٍ الْحَذَّاءُ، ثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْكِفْلِ، وَكَانَ لا يَتَوَرَّعُ عَنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ فَأَتَتِ امْرَأَةٌ، فَسَأَلَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهَا إِلَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا جَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الْخَاتِنِ ارْتَعَدَتْ وَبَكَتْ، فَقَالَ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: إِنَّ هَذَا عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ، وَمَا حَمَلَنِي عَلَيْهِ إِلا الْحَاجَةُ، قَالَ: فَتَرَكَهَا وَسَلَّمَ لَهَا الدَّنَانِيرَ، وَلَمْ يُصِبْ مِنْهَا، فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، فَأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِ: اشْهَدُوا جَنَازَةَ الْكِفْلِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَهُ
٢٠ - وَبِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: وَثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُسْتَلِمِ بْنِ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي غَزْوَةٍ إِلَى كَابُلَ وَفِي الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ، فَنَزَلَ النَّاسُ عِنْدَ الْعَتَمَةِ فَصَلَّوْا ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَقُلْتُ: لأَرْمُقَنَّ عَمَلَهُ، فَأَلْتَمِسُ غَفْلَةَ النَّاسِ حَتَّى إِذَا قُلْتُ هَدَأَتِ الْعُيُونُ وَثَبَ فَدَخَلَ غَيْضَةً قَرِيبًا مِنَّا، وَدَخَلْتُ عَلَى إِثْرِهِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَ: وَجَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ، قَالَ: فَصَعِدْتُ فِي شَجَرَةٍ، قَالَ: فَتَرَاهُ الْتَفَتَ أَوْ عَدَهُ جَرْوًا حَتَّى سَجَدَ، فَقُلْتُ: الآنَ يَفْتَرِسُهُ وَلا شَيْءَ حَتَّى جَلَسَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا السَّبُعُ اطْلُبِ الرِّزْقَ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، فَوَلَّى، وَإِنَّ لَهُ لَزَئِيرًا أَقُولُ تُصْدَعُ مِنْهُ، قَالَ: فَمَا زَالَ يُصَلِّي حَتَّى كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ، وَمِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ فَأَصْبَحَ كَأَنَّهُ بَاتَ عَلَى الْحَشَايَا
٢٠ - وَحَدَّثَ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ، أنبا أَبُو طَالِبٍ الْعُشَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَمْعُونَ، أنبا أَبُو بَكْرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: كَتَبَ إَلَيَّ أَبُو حَارِثَةَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ، قَالَ: قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْيَمَانِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ مِنْ صُورَ نُرِيدُ قَيْسَارِيَةَ، فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَرَرْنَا بِمَوَاضِعَ كَثِيرَةِ الْحَطَبِ، فَقَالَ: لَوْ شِئْتُمْ بِتْنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَأَوْقَدْنَا مِنْ هَذَا الْحَطَبِ، فَقُلْنَا: ذَاكَ إِلَيْكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ، قَالَ: فَأَخْرَجْنَا زِنْدًا كَانَ مَعَنَا فَقَدَحْنَا فَأَقَدْنَا تِلْكَ النَّارَ، فَوَقَعَ مِنْهَا جَمْرٌ كِبَارٌ، قَالَ: فَقُلْنَا: لَوْ كَانَ لَنَا لَحْمٌ نَشْوِيهِ عَلَى هَذِهِ النَّارِ، قَالَ: فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: مَا أَقْدَرَ اللَّهِ ﷿ أَنْ يَرْزُقَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: فَتَمَسَّحَ لِلصَّلاةِ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْنَا جَلَبَةً شَدِيدَةً مُقْبِلَةً نَحْوَنَا، فَابْتَدَرْنَا إِلَى الْبَحْرِ، فَدَخَلَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا فِي الْمَاءِ إِلَى حَيْثُ أَمْكَنَهُ، ثُمَّ خَرَجَ ثَوْرٌ وَحْشٌ يَكِدُّهُ أَسَدٌ، فَلَمَّا صَارَ عِنْدَ النَّارِ طَرَحَهُ فَانْصَرَفَ إِبْرَاهِيمَ بْنُ أَدْهَمَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الْحَارِثِ تَنَحَّ عَنْهُ فَلَنْ يُقَدَّرَ لَكَ فِيهِ رِزْقٌ، فَتَنَحَّى وَدَعَانَا، فَأَخْرَجْنَا سِكِّينًا كَانَتْ مَعَنَا فَذَبَحْنَاهُ وَاشْتَوَيْنَا مِنُّه بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا
٢٠ - وَحَدَّثَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، وَأُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَوَادَةَ، ثنا نَصْرُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمِصِّيصِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَرَدَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ الْمِصِّيصَةَ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، فَطَلَبَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ خَارِجٌ، فَقَالَ: أَعْلِمُوهُ إِذَا أَتَى أَنَّ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ طَلَبَهُ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى مَرْجِ كَذَا وَكَذَا يَرْعَى فَرَسَهُ، فَمَضَى إِلَى ذَلِكَ الْمَرْجِ، فَإِذَا أُنَاسٌ يَرْعَوْنَ دَوَابَّهُمْ، فَرَعَى حَتَّى أَمْسَى، فَقَالُوا: ضُمَّ فَرَسَكَ إِلَى دَوَابِّنَا فَإِنَّ السِّبَاعَ تَأْتِينَا، فَأَبَى وَتَنَحَّى نَاحِيَةً، فَأَوْقَدُوا النِّيرَانَ حَوْلَهُمْ، ثُمَّ أَخَذُوا فَرَسًا لَهُمْ صَئوُلا فَأَتَوْهُ بِهِ وَفِيهِ شِكَالانِ يَقُودُونَهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ فِي دَوَابِّنَا رِمَاكًا وحُجُورًا فَلْيَكُنْ هَذَا عِنْدَكَ، قَالَ: وَمَا يَصْنَعُ بِهَذِهِ الْحِبَالِ؟ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَأَدْخَلَ يَدَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَوَقَفَ لا يَتَحَرَّكُ فَتَعَجَّبُوا مِنْ ذَلِكَ لامْتِنَاعِهِ، فَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا فَجَلَسُوا يَرْمُقُونَهُ مَا يَكُونُ مِنْهُ مِنَ السِّبَاعِ، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ يُصَلِّي وَهُمْ يَنْظُرُونَ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ أَتَتْهُ أَسَدٌ ثَلاثَةٌ يَتْلُو بَعْضَهَا بَعْضًا، فَتَقَدَّمَ الأَوَّلُ إِلَيْهِ فَشَمَّهُ وَدَارَ بِهِ ثُمَّ تَنَحَّى نَاحِيَةً فَرَبَضَ، وَفَعَلَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ كِفِعْلِ الأَوَّلِ، وَلَمْ يَزَلْ إِبْرَاهِيمُ لَيْلَتَهُ قَائِمًا يُصَلِّي حَتَّى إِذَا كَانَ السَّحَرُ، قَالَ لِلأَسَدِ: مَا جَاءَ بِكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَأْكُلُونِي امْضُوا، فَقَامَتِ الأُسْدُ فَذَهَبَتْ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جَاءَ الْفَزَارِيُّ إِلَى أُولَئِكَ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالَ: أَجَاءَكُمْ رَجُلٌ؟ فَقَالُوا: أَتَانَا رَجُلٌ مَجْنُونٌ وَأَخْبَرُوهُ بِقِصَّتِهِ فَأَرَوْهُ، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ هُوَ؟ قَالُوا: لا، قَالَ: هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ، فَمَضَوْا مَعَهُ إِلَيْهِ، فَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفَ الْفَزَارِيُّ إِلَى مَنْزِلِهِ
٢٠ - وَحُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فِي بَعْضِ قُرَى الشَّامِ وَمَعَهُ رَفِيقٌ لَهُ، فَجَعَلْنَا نَمْشِي حَتَّى بَلَغْنَا إِلَى مَوْضِعِ خُشَاشٍ وَمَاءٍ، فَقَالَ لِرَفِيقِهِ: أَمَعَكَ شَيْءٌ؟ فَقَالَ: مَعِيَ فِي الْمِخْلاةِ كُسَيْرَاتٌ، فَجَلَسَ فَنَثَرَهَا، فَجَعَلَ يَأْكُلُ، فَأَكَلْتُ مَعَهُ، ثُمَّ شَرِبَ مِنَ الْمَاءِ شَرْبَةً، ثُمَّ تَمَدَّدَ فِي كِسَائِهِ، فَقَالَ: يَا بَقِيَّةُ مَا أَغْفَلَ النَّاسَ عَمَّا أَنَا فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، مَا لِي أَحَدٌ يَمُوتُ، وَلا أَحَدٌ أُهَمُّ بِهِ، قَالَ بَقِيَّةُ: فَتَغَيَّرَ وَجْهِي، فَقَالَ لِي: أَلَكَ عِيَالٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: فَلَعَلَّ رَوْعَةُ صَاحِبِ عِيَالٍ أَفْضَلُ مِمَّا أَنَا فِيهِ، قَالَ: قَامَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ عِظْنِي بِشَيْءٍ، فَقَالَ: يَا بَقِيَّةُ كُنْ ذَنَبًا وَلا تَكُنْ رَأْسًا، فَإِنَّ الذَّنَبَ يَنْجُو وَيَهْلِكُ الرَّأْسُ وَبِالإِسْنَادِ عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ، ثنا عَبَدَةُ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أنبا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الْكَرِيمِ بْنَ الْحَارِثِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «مَنْ رَكَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عَشْرَ رَكَعَاتِ بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ» .
فَقَالَ عُمَرُ ﵁: إِذًا تَكْثُرُ قُصُورُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اللَّهُ أَكْثَرُ»
٢١ - قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَاتَتْ لِيَ ابْنَةٌ فَرَأَيْتُهَا فِي الْمَنَامِ وَهِيَ تَقُولُ: يَا أَبَتِي قَدْ عَهِدُوا لِرَجُلٍ عِنْدِي وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَسَلْهُمْ أَنْ يُنَحُّوهُ عَنِّي، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ الْحَفَّارَ وَهُوَ يَحْفُرُ فَمَنَعْتُهُ، فَقَالَ: تَمْنَعُنِي مِنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَاغْتَمَّ أَهْلُ الْمَيِّتِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ رَأَيْتُ ابْنَتِي، فَقَالَتْ: يَا أَبَتِي كَذَا أَمَرْتُكَ أَنْ تَهْتِكَ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَمَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ رَحِمَهُ بِهَتْكِكَ لَهُ
٢١ - أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ﵇: «أَنَّهُ مَاتَ وَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَائِي فَجِدْ فِي أَمْرِهِ، وَغَسِّلْه، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَوَارِهِ» .
فَطَافَ مُوسَى، فَوَجَدَ مَيِّتًا فَأَجَدَّ فِي أَمْرِهِ، وَسَمِعَ النَّاسَ يَذْكُرُونَهُ بِالشَّرِّ وَيَصِفُونَ مِنْ طُغْيَانِهِ، فَهَالَهُ ذَاكَ، فَقَالَ: إِلَهِي ذَكَرْتَ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ أَوْلِيَائِكَ، وَهُؤَلاءِ عِبَادُكَ فِي أَرْضِكَ يَشْهَدُونَ بِمَا تَعْلَمُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: " إِنْ كَانَ كَمَا يَقُولُ عِبَادِي فِيهِ وَأَكْثَر وَلَكِّنَهُ تَلْقَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ صَفَحْتُ بِهَا عَنْ جُرْمِهِ، فَأَوَّلُ كَلِمَةٍ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَإِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ، وَالثَّانِيَةُ: اللَّهُمَّ إِنِّي كُنُتْ أَشِنَى الْفَاسِقِينَ وَإِنْ كُنْتُ مِنْهُمْ، وَالثَّالِثَةُ قَالَ: إِلَهِي لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ إِدْخَالَكَ إِيَّايَ النَّارَ مِمَّا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ لَمَا سَأَلْتُكَ الْمَغْفِرَةَ، وَالرَّابِعَةُ قَالَ: إِلَهِي لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ إِدْخَالَكَ إِيَّايَ إِلَى الْجَنَّةِ مِمَّا يَنْقُصُ مِنْ مُلْكِكَ لَمَا سَأَلْتُكَ، وَالْخَامِسَةُ: قَالَ: إِلَهِي يَئِسْتُ مِنْ عِبَادِكَ وَرَدَدْتُ حَوَائِجِي إِلَيْكَ، وَأَظْهَرْتُ نَدَامَتِي لَدَيْكَ فَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي فَمَنْ يَغْفِرُ لِي، وَإِنْ لَمْ تَرْحَمْنِي فَمَنْ يَرْحَمُنِي، وَإِنْ لَمْ تَصْفَحْ عَنِّي فَمَنِ الَّذِي يَصْفَحُ عَنِّي.
وَلأَجْلِ هَذَا الْكَلامِ يَا مُوسَى تُبْتُ عَلَيْهِ وَصَفَحْتُ عَنْ جُرْمِهِ "
٢١ - وَحَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ، وَأَنَا حَاضِرٌ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ، مُشَافَهَةً، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الصَّيْقَلِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّصْرَابَاذِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ الْبِيكَنْدِيَّ، يَقُولُ: مَاتَ فِي جِيرَتِي رَجُلٌ مِنَ الْمُسْرِفِينَ فِي الْمَعَاصِي فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فِي النَّوْمِ وَعَلَيْهِ الْحُلِيُّ وَالْحُلَلُ، فَقُلْتُ: فُلانُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي، قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: تَصَدَّقَتْ وَالِدَتِي عَنِّي بِنِصْفِ رَغِيفٍ، أَمَا إِنَّهَا لَوْ تَصَدَّقَتْ بِرَغِيفٍ لَكَشَفَتْ لِي حَتَّى أَنْظُرَ عَيَانًا
٢١ - وَبِهِ ثنا أَبُو يَعْقُوبَ الْوَرَّاقُ، أنبا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَرْكَانَ، ثنا أَبُو الْحَجْبَي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيٍّ الْخُوَارِزْمِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ الْمُهَلَّبِ الزُّهْرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّادِقِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ خَرَجَتْ إِلَى قَرْيَةٍ لِتِجَارَةٍ مَعَ ابْنَيْنِ لَهَا، وَتَصَدَّقَتْ لَهُمَا يَعْنِي بِرَغِيفَيْنِ، حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الدَّارِ وَمَرَّتِ بِالْبَحْرَ، فَجَاءَ ذِئْبٌ وَحَمَلَ وَاحِدًا مِنْهَا، فَبَكَتْ وَحَزِنَتْ، وَذَهَبَ الذِّئْبُ بِهِ فَأَيِسَتْ مِنْهُ وَرَكِبَتْ مَعَ وَلَدِهَا الآخَرِ فِي الْبَحْرِ، فَانْكَسَرَتِ السَّفِينَةُ فَوَقَعَ الْوَلَدُ فِي الْبَحْرِ، وَكَانَ مَعَهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ وَبَقِيتُ عَلَى لَوْحٍ، فَطَرَحَهَا الرِّيحُ إِلَى مَكَانٍ فِي سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَخَرَجَتْ مِنَ الْمَاءِ وَدَخَلَتِ السُّوقَ لِتَشْتَرِيَ طَعَامًا فَإِذَا ابْنُهَا الَّذِي حَمَلَهُ الذِّئْبُ مَعَ رَجُلٍ، فَتَعَلَّقَتْ بِهِ، فَمَنَعَهَا الرَّجُلُ، فَأَخَذَهَا إِلَى الْقَاضِي، فَقَالَ لَهَا الْقَاضِي، مَا شَأْنُكِ؟ فَقَصَّتْ عَلَيْهِ قِصَّتَهَا، فَقَالَ الْقَاضِي لِلرَّجُلِ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا الابْنُ؟ قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الصَّحْرَاءِ أَطْلُبُ رِزْقًا، فَجَاءَ ذِئْبٌ بِهَذَا الصَّبِيِّ، فَاجْتَهَدْتُ حَتَّى أَخَذْتُهُ مِنْهُ فَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ الْقَاضِي: سَلِّمْ إِلَيْهَا ابْنَهَا، فَسَلَّمَ، ثُمَّ مَشَتْ مَعَ ابْنِهَا هُنَيَّةً، فَإِذَا فَارِسٌ خَلْفَهُ ابْنُهَا الآخَرُ، فَتَعَلَّقَتْ بِهِ، فَخَاصَمَهَا الرَّجُلُ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَقَالَتْ: هُوَ ابْنِي، وَقَالَ الْفَارِسُ: هُوَ غُلامِي، فَقَالَ النَّاسُ: اذْهَبُوا إِلَى الْقَاضِي، فَلَمَّا حَضَرُوا عِنْدَ الْقَاضِي، قَالَ لِلرَّجُلِ: كَيْفَ حَالُ هَذَا الصَّبِيِّ؟ قَالَ: أَنَا مَلاحٌ رَأَيْتُ هَذَا الصَّبِيَّ عَلَى رَأْسِ الْمَاءِ، فَأَخَذْتُهُ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ الْقَاضِي: سَلِّمْهُ إِلَى أُمِّهِ، فَسَلَّمَهُ مِنْهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدَيْهَا وَاشْتَرَتْ خُبْزًا وَسَمَكَتَيْنِ فَإِذَا فِي بَطْنِ أَحَدِهِمَا مِائَةُ دِينَارٍ، وَفِي بَطْنِ الآخَرِ لُؤْلُؤَتَانِ، بَاعَتْ بِمَالٍ كَثِيرٍ، فَرَأَتْ فِي الْمَنَامِ أَنَّ اللَّهَ ﷿ قَدْ غَفَرَ لَكِ وَلِوَلَدَيْكِ، وَيُدْخِلُكُمَا الْجَنَّةَ بِالرَّغِيفَيْنِ وَبِهِ أنبا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنبا الْحَسَنُ، أنبا أَحْمَدُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا الْحَسَنُ فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ مَعَ عَطَاءٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَلَغَنَا أَنَّ اللَّهَ ﷾ يَقُولُ: «يَابْنَ آدَمَ خَلَقْتُكَ وَتَعْبُدُ غَيْرِي، وَتذْكُرُ بِي وَتَنْسَانِي، وَتَدْعُو إِلَيَّ وَتَفِرُّ مِنِّي، إِنْ هَذَا لأظْلَمُ ظُلْمٍ فِي الأَرْضِ»
1 / 20