Jurisprudential Provisions of Waqf
مدونة أحكام الوقف الفقهية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م
Nau'ikan
واشتهرت في بلاد الشام في العهد الزنكي خوانق عديدة، في كل من دمشق وحلب وغيرهما من المدن الشامية، وكانت مثار إعجاب الرحالة المارين بها، وممن سجل إعجابه بها الرحالة الأندلسي "ابن جبير" حين زار الشام عام ٥٨٠ هـ/ ١١٨٤ م (^١)، كما يلاحظ في هذا العصر والعصور التي تلته انتشار ظاهرة الوقف على الريط في مختلف الأرجاء، والتي اشتهرت بتقديم خدمات اجتماعية وتعليمية رائدة، ومن هذه الربط على سبيل المثال: "رباط قصر حرب" بالموصل، الذي كان مقصدًا لطلاب العلم في هذا العصر (^٢)، وهنالك من الريط ما كان مخصصًا لسكن الفقراء في المدينة المنورة، مثل الرياط الذي وقفه الوزير "جمال الدين الأصفهاني" (ت ٥٥٩ هـ/١١٦٤ م) وخصصه للفقراء والزائرين، ووقف عليه الأوقاف المناسبة للصرف عليه (^٣)، ومن الربط ما كان مخصصًا للنساء؛ ومن أشهرها "رباط عذراء خاتون" داخل باب النصر بدمشق، وقد كان في كل رباط من هذه الريط شيخة تتولى تعليم النساء المقيمات في الرباط وتثقيفهن، وكانت هذه الرُّبط تخضع لأنظمة صارمة، تحرص على حفظ النزيلات وصيانة حرمتهن (^٤).
ومما تقدم يمكن ملاحظة أن نشاط الزنكيين انصبَّ على الاستفادة من الوقف في تنشيط حركة التعليم: من خلال تكثيف وقف المساجد والمدارس والرُّبط بالدرجة الأولى، وإن كان نشاطهم الوقفي في المجالات الحضارية الأخرى لا يمكن الاستهانة به، فقد كان نشر المعرفة جزءًا من مشروع "نور الدين زنكي"، الذي كان يهدف إلى تطهير بلاد الشام من الاستعمار الصليبي، والذي رأى أنه لا يتم إلا بنشر المعرفة والعلم وإحياء الدين في نفوس أبناء الأمة.
(^١) انظر: رحلة ابن جبير، ابن جبير، ٢٥٧. (^٢) انظر: وفيات الأعيان، ابن خلكان، ٤/ ١٤٢، والكامل في التاريخ، ابن الأثير، بيروت ١٩٧٨ م، ٥/ ٢٠. (^٣) انظر: وفيات الأعيان، ابن خلكان، ٥/ ١٤٣ - ١٤٥. (^٤) انظر: الأعلام الخطيرة، ابن شداد، قسم دمشق، ١٩٦.
1 / 75