Jurisprudential Provisions of Waqf

Group of Authors d. Unknown
57

Jurisprudential Provisions of Waqf

مدونة أحكام الوقف الفقهية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م

Nau'ikan

المبحث السادس الأوقاف في العصر الزنكي (٥١١ - ٥٦٩ هـ / ١١١٨ - ١١٧٤ م) يمثِّل العصر الزنكي محطة مهمة من محطات التاريخ الإسلامي، ويمثل علامة فارقة ونقطة مضيئة في تاريخ الأمة، فقد قاد حكام هذا العصر حركة شمولية للتحرر؛ تحرير الأوطان من الاستعمار الصليبي، وتحرير الإنسان من الجهل والفقر والمرض، وقد أدركوا بأنه لا يمكن دحر الصليبين إلا بجبهة موحدة، لا يشعر فيها أحد من أفراد الأمة بالتهميش أو الإقصاء أو الإلغاء؛ لذا تضافرت جهود الحكام مع جهود أبناء الأمة في برنامج لإحياء روح التكافل، عن طريق تلمُّس حاجات الشرائح الضعيفة وسدِّ خلتها، فكثرت الأوقاف وتنوعت لتشمل مختلف جوانب حياة الناس، بخاصة في زمن الملك العادل "نور الدين محمود زنكي" (٥٤١ - ٥٦٩ هـ/ ١١٤٩ - ١١٧٤ م)، الذي اشتُهرت الدولة في عهده بالحرص على فعل الخيرات، ويناء المبرات والمنشآت والمرافق العامة، وتمويلها عن طريق الأوقاف، فقد أمر "نور الدين" بإنشاء المدارس والخانقاوات والبيمارستانات، وأكثر منها في كل بلد، ووقف عليها الوقوف الكثيرة، وأمر ببناء الريط والخانات في الطرق؛ لخدمة المسافرين وأبناء السبيل المنقطعين (^١). لقد تعددت في هذا العصر المدارس الموقوفة بتعدد العلوم الشرعية، والمذاهب الفقهية، التي لا يزال بعضها ماثلًا للعيان حتى الآن في دمشق وغيرها من المدن، وكان القائد "نور الدين زنكي" في طليعة المحبسين لبناء المدارس، فبنى عديدًا من المدارس في دمشق، وحمص، وحماة، وحلب، وبنى المدرسة العادلية والمدرسة النورية للأحناف بدمشق، والجامع النوري بالموصل (^٢)، ودار الحديث في دمشق، وهي أول دار للحديث في الإسلام، وبنى مكاتب كثيرة للأيتام وأجرى عليهم وعلى معلميهم الجرايات الوافرة، وبني كثيرًا من المساجد ووقف عليها وعلى من يقرأ بها القرآن

(^١) انظر: التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية بالموصل، عز الدين علي بن الأثير، تحقيق: عبد القادر أحمد طليمات، القاهرة، دار الكتب الحديثة، ١٩٦٣ م، ١٧١. (^٢) انظر: الأعلام، خير الدين الزركلي، ٨/ ٤٦.

1 / 72