Jekyll da Hyde
الدكتور جيكل والسيد هايد
Nau'ikan
انعطف أترسون إلى الزاوية في الجهة المقابلة من مجمع المباني، كانت معظم المباني الموجودة في الشارع مقسمة إلى شقق أو مكاتب. في وقت من الأوقات كانت هذه المنطقة هي محط العائلات الثرية الكبيرة. كانت الكثير من هذه العائلات تمتلك مباني بأكملها، بيد أنه لم يتبق غير منزل واحد مملوك لفرد واحد، ثاني منزل من زاوية الشارع، علاوة على أن هذا المنزل كان آخر شاهد على أمارات الثراء والرفاهية. كانت بوابته الأمامية حديثة الطلاء، وطارقة الباب لامعة وبراقة. كانت جميع المنازل الأخرى متسخة النوافذ مكسورة البوابات، لكن هذا المنزل حظي بعناية ونظافة فائقتين. ارتقى أترسون درجات سلمه الأمامية وقرع الباب. ففتح الباب كبير الخدم الذي كان في كامل الأناقة.
سأل المحامي: «هل الدكتور جيكل بالمنزل يا بول؟»
أجاب بول: «سأرى يا مستر أترسون.» سمح الخادم لمستر أترسون بالدخول ثم ذهب ليبحث عن سيده.
انتظر أترسون في غرفة كبيرة مريحة تدفئها نيران متوهجة بلا غطاء. وكانت هذه الغرفة واحدة من الغرف المفضلة لدى المحامي في لندن بأكملها؛ كانت الغرفة مطلية بألوان قاتمة قوية، وثنايا الستار مصنوعة من القماش القطيفة الأحمر القاني، والأرضيات مغطاة بالسجاد الفارسي المغزول يدويا. وقد ارتصت على الجدران التحف الفنية وأرفف الكتب الممتلئة عن آخرها. أمضى أترسون هنا العديد من الأمسيات بمعية جيكل يتسامران في حديث ممتع هادئ. غير أن مزاج أترسون في هذه الليلة لم يكن يميل إلى الألفة ولا دفء الصحبة؛ إذ لم يستطع أن ينفض عن ذهنه صورة وجه الوغد مستر هايد.
عاد بول حاملا خبر أن الدكتور جيكل ليس بالمنزل: «يؤسفني أن أخبرك أنني لا أعرف متى سيعود، فلربما يظل بالخارج بقية الليلة.»
قال أترسون: «لقد رأيت مستر هايد يدخل هذا المبنى من الزاوية الأخرى يا بول، من الباب المجاور للمختبر القديم. هل يصح هذا عندما يكون دكتور جيكل متغيبا عن المنزل؟»
أجاب الخادم: «مستر هايد لديه مفتاح.»
قال مستر أترسون: «يبدو أن سيدك يثق بمستر هايد ثقة كبيرة.»
رد بول: «نعم يا سيدي، هو يثق به ثقة كبيرة حقا. وقد أمرنا جميعنا بأن نقدم له فروض الولاء والطاعة. ومع ذلك، قلما نراه في هذا الجزء من المنزل، فهو يذهب ويجئ أساسا من الباب المجاور للمختبر.»
كان دكتور جيكل قد اشترى المنزل قبل سنوات طويلة من طبيب آخر. وكان المالك السابق قد بنى مختبرا في الجزء الخلفي من المنزل؛ حجرة كبيرة عالية السقف، تصطف فيها الأرفف والدواليب، ولم توجد بها أي نوافذ، مصابيح وفوانيس فحسب على الجدران. وفوق المختبر مكتب حيث يمكن للدكتور جيكل أن يجلس ويعمل في هدوء. وكان المكتب أكثر جاذبية من المختبر، إذ كان به مدفأة، وبعض المقاعد الوثيرة، ونافذة مطلة على المبنى الرئيسي للمنزل، وكان يوجد فناء يفصل ما بين المبنيين. احتفظ الدكتور جيكل بالمختبر كما هو على حاله، فالمختبر هو السبب الرئيسي لشرائه المنزل. ومع أن الدواليب والمعدات كادت تكون من الآثار، فإنها راقت لجيكل. وعادة ما تحدث عن رغبته في أن تحيط به التحف الجميلة، وكان هذا شيئا مهما في المنزل وفي العمل.
Shafi da ba'a sani ba