والجواب عنهما كذلك، إذ الإجماع قاطع أن حجة الله قائمة ممن بها لا يخلو أرض الله منها حجة على من خالفها. فالمتبع لها من أهل الجنة والمخالف لها من أهل النار، فلا يخلو أن يخلو أن يكون أهل الحق المتمسكون به القائمون بحجة الله هم أهل النهروان، ومن برئ منهم وخالفهم وحاربهم على دين الله، فإن كانوا هم أهل الحق وجب الذي قلناه، وثبت الذي أصلناه، وإن كان أهل الحق الذين خالفوهم فيما كانوا جميعا عليه محقين فيجب على هذا البراءة والشهادة وبالنار لمن مات على سبيلهم ودينهم، حاش لهم من ذلك!! فهذا ظاهر البطلان من حيث إنهم هم الذين ثبتوا على ما كانوا هم ومخالفوهم فيه محقين، وإن مخالفيهم هم الذين خالفوا الذين الذي كانوا مجاهدين عليه بحكم الله تعالى، حيث يقول: (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) (4) إلى حكم الله، لا إلى حكم الرجال الفسقة الجهال. ولا منازع في هذا الذي قلنا إلا الحشوية (5) والشكاك، ونخن وجميع المسلمين منهم نخلفهم ونشهد لمن مات منهم على ذلك بالنار وغضب الجبار.
فنعوذ بالله بالشك في أهل الضلال أو الارتياب في شيء من ديننا في حال من حال، وبالله التوفيق.
الباب الحادي والثلاثون
باب المرتبة الثالثة: في من مات على الدين الإباضي
وهو أن الدين الذي ظهر إلينا وصح لدينا أن عبد الله بن أباض رحمه الله كان عليه حتى مات في حكم الظاهر، وهو حكم المحكمة والشراة، وهم أهل النهر (1)، ومن كان على سبيلهم وهو دين أبي بكر وعمر رحمهما الله، ومن كان على سبيلهما وهو دين رسول الله صلى [72] الله عليه وسلم، الذي ذكرناه، وأن قولنا من مات على دين عبد الله بن أباض رحمه الله، فهو من أهل الجنة، ومن مات على خلافه فهو من أهل النار، بمنزلة قولنا من مات على أبي بكر وعمر أو على دين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فرق في ذلك .
Shafi 92