الثالث: الإقرار باستحالة تجزئة جزء لا يتجزأ منها وإلا وجب تعجيز القدير أو تجهيله، هذا شرك بالله العظيم، الله أعلم، وبه التوفيق.
وسيأتي الكشف البالغ في باب بيان القول في المسألة الجوهرية إن شاء الله.
الباب الثاني عشر
باب بيان ارتفاع الضدين من الجوهر من تفسير (1)
كلام أبي المنذر بشير بن محمد بن محبوب
رحمهما الله
فال المتأمل: وأما قوله ((وسقط العدد منه)) يقول: لم يبق في هذا الجزء الذي لا يتجزأ أجزاء بتعدد الأجزاء، واحد لا ثاني له، إذ لو كان متعددا لكان زائدا على الواحد وليس يريد بذلك نفى دخول هذا الجزء في العدد وأنه [26] ليس بمعدود، فقد وجدت في بعض الآثار أن العدد يقع على الواحد ولا مخرج له منه، بل إنما أدار أبو المنذر بقوله: ((وسقط العدد)) أي سقط منه عند مفارقته كل متآلف إليه مراتب العدد إلا ما اختص بالواحد هكذا يبين لي والله أعلم.
مسألة: وأما قوله: والعرضان المتضادان عنه لأنهما يتنافيان الكون فيه لشغل أحدهما له ولا فضل فيه عنه، فإنه يعنى بالعرضين الاجتماع والافتراق متولدان من تجاور الاثنين وتباعدهما، وما كان مختصا بالاثنين لم يوصف به الواحد، وإنما يقال للواحد مجامع مفارق، ولا يقال له مجتمع مفترق، لأن قولنا مجتمع مفترق فعل لازم لا يتعدى، والفعل اللازم إنما يوصف به الواحد إذا كان يصح منه وحده، وأما إذا كان لا يصح إلا من اثنين، لم يوصف به إلا بمجامعة الآخر معه.
بيان ذلك أنك تقول في الفعل إذا كان يصح من واحد: ((قتل زيد)) (2)، ((سار عمرو)) فالقتل يصح من الواحد وكذلك السير.
وتقول في الفعل الذي لا يصح إلا من اثنين: تقاتل الزيدان، وتساير العمران فقد جعل الباري سبحانه لكل معنى لفظا يعبر به عنه فلا يجوز أن يعبر عن معنى يلفظ يدل على غيره، فلو قلت: تقاتل زيد، أو تساير، لكنت محيلا، تقولك مجتمع متفرق دليل بلفظه، على جماعة أقلهم اثنان.
Shafi 36