دليل ثان: أن هذين الجسمين لا يخلوان إذا تداخلا من أن يكونا محتاجين إلى مكان أوسع من مكان أحدهما أم لا!! فإن يل، لا يحتاجان إلى مكان أوسع من مكان أحدهما فإذا لا زيادة على حرم أحدهما وهذا باطل من قبل أنه معلوم أن الجسم، والجسمان أكبر من جسم، والأكبر محتاج إلى جهة أوسع من جهة الأصغر، وأن قالوا: إنهما محتاجان إلى مكان أوسع من مكان أحدهما [23] رجعوا إلى الحق لو لزمهم القول بالمجاورة وأنهما في مكانين لا في مكان واحد. وأنه متى دخل أحد الجسمين في الآخر ذهب المدخول فيه في الجهات.
بيان ذلك: أنك إذا أدخلت جسما في الماء ارتفع الماء وذهب في جهة العلو، وكذلك إذا ألقيت الماء على أخذ في جهة العلو فلذلك صح أنهما متجاوران (3) كل واحد منها محتاج إلى مكان. والله أعلم.
الباب الحادي عشر
باب بيان الجزء الذي لا يتجزأ وهو الجوهر
من كلام الشيخ أبي المنذر بشير بن محمد بن محبوب رحمهما الله
قال المتأمل: فأما قوله: فإذا ارتفع التأليف عنها ثبت الجزء الذي لا يتجزأ منها يقول: إن ما في العالم من الجسام التي ذكرناه أجزاء متآلفة على معنى المجاور لا التداخل إذا رفع الله منها التأليف الذي لأجله سميت أجزاؤها مؤتلفة صارت متفرقة متجزئة، وصار كل جزء منها حال تفرقها لا تتجزأ ولا تنقسم ولا تفترق ن والله اعلم.
مسألة: وإنما يتوصل إلى علم ذلك بمعرفة الفرق بين التأليف والمؤتلف وبين الاجتماع والمجتمع، وبين الافتراق والمفترق وما أشبه ذلك من الجواهر والأعراض. فمتى تحقق الفرق بينهما صعب عليه جحد الجزء الذي لا يتجزأ واطمأنت نفسه إلى تحقيق ذلك، فإنه متى عرف الفرق بينهما وأن كلا منهما غير الآخر، لم يحكم بارتفاع بعض الأعراض.
Shafi 32