حقيقة الاجتماع: لأن حقيقة الاجتماع انضمام شيء إلى شيء، والانضمام عرض والعرض لا يقوم إلا يقوم إلا بالجوهر، فبان وصح أن الاجتماع هو انضمام جوهر إلى جوهر أو إلى جوهر، والجوهر الواحد لا ينضم إلى نفسه، فيجوز أن يفارقه، ومن هاهنا استحال التجزؤ والانقسام في الجوهر، إذ التجزؤ هو الانقسام ن والانقسام والافتراق بمعنى ولا يكونان إلا بعد الاجتماع ولا اجتماع في الواحد لأنه من حيث سمى مجتمعا فليس هو شيئا واحدا، بل شيئا، ومن حيث سمى واحدا فليس مجتمع.
مثال ذلك: إنا إذا فلنا الإنسان ينقسم فليس تعنى أنه ينقسم من حيث الإنسانية إذ الإنسانية ليست مجتمعة فتنقسم وتفترق، بل من حيث الجوهرية، لأن فيه أجزاء مجتمعة أقل جزء منها جوهر واحد، فما كان في أجزائه جزء يتصف بالانقسام، فليس بجوهر واحد، بل جواهر، وإذا انفرد أقل جزء منه فهو الذي معلوم أنه جوهر واحد، غذ لو كان ينقسم من حيث الإنسانية لجاز أن يكون إنسانين وثلاثة وعشرة إلى ما أمكن انقسامه، فيكون كل جزء منه إنسان ولا ينكر أن بنى آدم أصغر مخلوق منهم لو قرض بالمقاريض لتجزأ على ألوف أجزاء لا يحصيها إلا الله تعالى، فتكون هنالك أناسي كثيرا وهذا واضح البطلان ظاهر الفساد. والله أعلم وبه التوفيق.
الرتبة الثالثة: في الأعراض المختصة بالجسم ويقتصر منها على الحياة، فلا يجوز أن يوصف بهذا العرض إلا الأجسام فحسب، لأن من شرط الحياة والروح التخلخل والتخويف للروح ولا تكون بهذا المثابة إلا الأجسام. وليس الجسم الحي حيا لأنه جسم، إذ لو صح ذلك لما وجد جسم ما إلا وهو حي وفي وجودنا من الجسام ما ليس بحي بطلان ذلك، بل لأن فيه حياة وقي هذا المعنى فرق بين العلة والشرط، فالشرط هو وجو الحياة في تسمية الحي حيا، والجسمية شرط في وجود الحياة، فحي محدث ليس بحسم محال، وحي محدث لا حياة له محال، الله أعلم.
Shafi 30