مسألة: ووجدت عن القاضي أبي زكريا يحيى بن سعيد في جوابه إلى الخليل ابن شاذان أن الجواهر ليست أجناسا مختلفة بل كلها متماثلة في أنفسها فإنما تختلف أحوالها التي لا يرجع غلى ذواتها، وسبب الاختلاف يكون راجعا إلى ما يحل فيها من لأعراض فإذا اختص بعضها بالسكون ببعض الأعراض كانت ساكنة، فإذا اختص ببعض آخر وصفت بأنها مجتمعة، فإذا وصفت بشيء آخر وصفت بأنها متفرقة. كذلك الأسماء تختلف عليها باختلاف ما يختص من الألوان. فما اختص بالسواد بأنه أسود إلى غير ذلك من سائر الأشياء فإذا (6) ...
الباب الثامن
باب بيان الأعراض وضروبها من كلام
الشيخ أبي المنذر بشير بن محمد ين محبوب
قال المتأمل: وأما قوله بتعاور الحوادث له ولها فيه، فالتعاور بمعنى التعاقب. يقول: تعاور القوم فلانا فاعتوروه، إذا تعاونوا عليه، وكلما كف عنه واحد ضرب آخر، وتعاورت الرياح، رسمها حتى عفته أي تواطبت عليه: قال الأعشى:
دمنة قفرة تعاورها الصيف ... بريحين من صبا وشمال
مسألة: الحوادث جمع حادث وهو ما يحدث في الجواهر من الأعراض وقد تقدم ذكر الحدث وفروعه في باب [18] بيان العالم، إنما سمى العرض عرضا لأنه يغرض في الجواهر أي يوجد فيها: لأنه يستحيل بقاؤه.
مسألة: وأما حد العرض فقد اختلف الناس فيه اختلافا كثيرا فقال قوم: ما عرض في الجوهر، قالوا: فهذا صحيح لأن كل ما عرض في الجوهر فهو عرض وما لا يعرض في الجوهر فليس بعرض. وقيل: العرض ما قام الجوهر: قال بعضهم: هذا صحيح لأنه لا يقدم بالجوهر إلا ما كان عرضا، وقيل: العرض ما لا يستغني عن محل يحله. وقيل ما لا يصح بقاؤه وقتين. وقال بعض: الأول أصح لأن الحدود لا تضرب بلفظ النفي وكل حد بلفظ الإثبات فهو أصح مما هو بلفظ النفي، وقيل: العرض ما تغير به الجوهر من حال على حال.
Shafi 26