وحمل هذه الآية على أن الملكين إنما نزلا يعلمان بالسحر وينهيان عنه وقال الجمهور بل التعليم على عرفه ص وقوله تعالى من أحد من هنا زائدة مع المفعول لتأكيد استغراق الجنس لأن أحدا من ألفاظ العموم انتهى ويفرقون معناه فرقة العصمة وقيل معناه يؤخذون الرجل عن المرأة حتى لا يقدر على وطئها فهي أيضا فرقة وبإذن الله معناه بعلمه وتمكينه ويضرهم معناه في الآخرة والضمير في علموا عائد على بني إسرائيل وقال اشتراه لأنهم كانوا يعطون الأجرة على أن يعلموا والخلاق النصيب والحظ وهو هنا بمعنى الجاه والقدر واللام في قوله لمن للقسم المؤذنة بأن الكلام قسم لا شرط م ولبيس ما أبو البقاء جواب قسم محذوف والمخصوص بالذم محذوف أي السحر أو الكفر والضمير في به عائد على السحر أو الكفر انتهى وشروا معناه باعوا والضمير في يعلمون عائد على بني إسرائيل اتفاقا ولو انهم آمنوا يعني الذين اشتروا السعر وجواب لو لمثوبة والمثوبة عند الجمهور بمعنى الثواب وقوله سبحانه لو كانوا يعلمون يحتمل نفي العلم عنهم ويحتمل لو كانوا يعلمون علما ينفع وقرأ جمهور الناس راعنا من المراعاة بمعنى فاعلنا أي أرعنا نرعك وفي هذا جفاء أن يخاطب به أحد نبيه وقد حض الله تعالى على خفض الصوت عنده وتعزيره وتوقيره وقالت طائفة هي لغة للعرب فكانت اليهود تصرفها إلى الرعونة يظهرون أنهم يريدون المراعاة ويبطنون أنهم يريدون الرعونة التي هي الجهل فنهى الله المؤمنين عن هذا القول سدا للذريعة ليلا يتطرق منه اليهود إلى المحظور وأنظرنا معناه انتظرنا وأمهل علينا ويحتمل أن يكن المعنى تفقدنا من النظر والظاهر عندي استدعاء نظر العين المقترن بتدبر الحال ولما نهى الله تعالى في هذه الآية وأمر حض بعد على السمع الذي في ضمنه الطاعة واعلم أن لمن خالف أمره فكفر عذابا أليما وهوالمؤلم واسمعوا معطوف على قولوا لا على معمولها وقوله سبحانه ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب الآية يتناول لفظ الآية كل خير والرحمة في هذه الآية عامة لجميع أنواعها وقال قوم الرحمة القرآن وقوله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها الآية النسخ في كلام العرب على وجهين أحدهما النقل كنقل كتاب من آخر وهذا لا مدخل له في هذه الآية وورد في كتاب الله تعالى في قوله انا كنا نستنسخ ما كنتم تعلمون الثاني الإزالة وهو الذي في هذه الآية وهو منقسم في اللغة على ضربين أحدهما يثبت الناسخ بعد المنسوخ كقولهم نسخت الشمس الظل والآخر لا يثبت كقولهم نسخت الريح الأثر وورد النسخ في الشرع حسب هذين الضربين وحد الناسخ عند حذاق أهل السنة الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه ت قال ابن الحاجب والنسخ لغة الإزالة وفي الاصطلاح رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر انتهى من مختصره الكبير والنسخ جائز على الله تعالى عقلا لأنه لا يلزم عنه محال ولا تغيير صفة من صفاته تعالى وليست الأوامر متعلقة بالإرادة فيلزم من النسخ أن الإرادة تغيرت ولا النسخ لطرو علم بل الله تعالى يعلم إلى أي وقت ينتهي أمره بالحكم الأول ويعلم نسخه له بالثاني والبدأ لا يجوز على الله تعالى لأنه لا يكون إلا لطرو علم أو لتغير إرادة وذلك محال في جهة الله تعالى وجعلت اليهود النسخ والبدأ واحدا فلم يجوزوه فضلوا والمنسوخ عند أئمتنا الحكم الثابت نفسه لا ما ذهبت إليه المعتزلة من أنه مثل الحكم الثابت فيما يستقبل والذي قادهم إلى ذلك مذهبهم في أن الأوامر مراده وأن الحسن صفة نفسية للحسن ومراد الله تعالى حسن وقد قامت الأدلة على أن الأوامر لا ترتبط بالإرادة وعلى أن الحسن والقبح في الأحكام إنما هو من جهة الشرع لا بصفة نفسية والتخصيص من العموم يوهم أنه نسخ وليس به لأن المخصص لم يتناوله العموم قط وقول تناوله العموم لكان نسخا والنسخ لا يجوز في الأخبار وإنما هو مختص بالأوامر والنواهي ورد بعض المعترضين الأمر خبرا بأن قال أليس معناه واجب عليكم أن تفعلوا كذا فهذا خبر والجواب أن يقال أن في ضمن المعنى إلا أن انسخه عنكم وأرفعه فكما تضمن لفظ الأمر ذلك الأخبار كذلك تضمن هذا الاستثناء وصور النسخ تختلف فقد ينسخ الأثقل إلى الأخف وبالعكس وقد ينسخ المثل بمثله ثقلا وخفة وقد ينسخ الشيء لا إلى بدل وقد تنسخ التلاوة دون الحكم وبالعكس والتلاوة والحكم حكمان فجائز نسخ أحدهما دون الآخر ونسخ القرآن بالقرآن وينسخ خبر الواحد بخبر الواحد وهذا كله متفق عليه وحذاق الأئمة على أن القرآن ينسخ بالسنة وذلك موجود في قوله عليه السلام لا وصية لوارث وهو ظاهر مسائل مالك ت ويعنى بالسنة الناسخة للقرآن الخبر المتواتر القطعي وقد أشار إلى أن هذا الحديث متواتر ذكره عند تفسير قوله تعالى إذا حضر أحدكم الموت واختلف القراء في قراءة قوله تعالى أو نسنها فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ننسأها بنون مفتوحة وأخرى ساكنة وسين مفتوحة وألف بعدها مهموزة وهذه بمعنى التأخير وأما قراءة نافع والجمهور ننسها من النسيان وقرأت ذلك فرقة إلا أنها همزت بعد السين فهذه بمعنى التأخير والنسيان في كلام العرب يجيء في الأغلب ضد الذكر وقد يجيء بمعنى الترك فالمعاني الثلاثة مقولة في هذه القراءات فما كان منها يترتب في لفظه النسيان الذي هو ضد الذكر فمعنى الآية به ما نسخ من آية أو نقدر نسيانك لها فانا نأتي بخير منها لكم أو مثلها في المنفعة وما كان على معنى الترك أو على معنى التأخير فيترتب فيه معان أنظرها ان شئت فاني آثرت
Shafi 96