Jawahir Tafasir
جواهر التفسير
Nau'ikan
ولا يماري عاقل في أن الله يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وأن جميع أفعاله عدل لا يوصف شيء منها بالظلم والجور، ولكنه سبحانه أخبرنا بعدم تكليفه إلا بما في وسع المكلفين، فليس لنا أن نتجاوز عن ذلك فنصفه بما يخالفه.
ومن المعلوم أن الله هدى كل أحد السبيل وفتح لكل من شاء أبواب الرشاد، فانحراف الانسان إلى مسالك الغواية ليس بسبب حيلولة القدر بينه وبين الرشد، وإنما هو باستحباب نفسه، كما أخبر الله عن ثمود بقوله:
وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى
[فصلت: 17]، والله يعلم ما اشتملت عليه طوايا الأنفس وحنايا الضمائر، فلا غرو في إخباره عمن أخبر عنه بعدم الايمان مع دعوته إليه، إذ الخبر إنما هو عما علمه الله من هوى نفسه وميلولة رغبته.
وبهذا يندفع الاعتراض الذي تصوره الامام ابن عاشور في دعوة أمثال هؤلاء إلى الحق مع العلم بعدم استجابتهم، ولا داعي إلى ما أجاب به من أن الرسول صلى الله عليه لم يقصد أحدا بعينه من هؤلاء الذين ماتوا مصرين على الكفر فيخصه بالدعوة إلى الايمان كما صنع مع عمر بن الخطاب حين جاءه، إذ قال له: أما آن لك يا ابن الخطاب أن تقول: لا إله إلا الله؟ وكما صنع مع غيره ممن أسلم.
وكلامه هذا دعوى لم تنهض بها حجة، ومن أين له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدع أحدا بعينه ممن لم يسلموا إلى الاسلام، مع قوله تعالى:
لتنذر قوما مآ أنذر آبآؤهم فهم غافلون..
[يس: 6] إلى قوله:
..لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون
[يس: 7].
Shafi da ba'a sani ba