Jawahir Mudiyya
الجواهر المضية
Mai Buga Littafi
مطبعة المنار بمصر ١٣٤٩ هـ الطبعة الأولى
Nau'ikan
Aƙida da Mazhabobi
وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ ١. فحصر المؤمنين فيمن آمن وجاهد. وقال تعالى: ﴿لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ ٢ الآيتين. فهذا إخبار من الله أن المؤمن لا يستأذن في ترك الجهاد، وإنما يستأذن الذين لا يؤمنون بالله، فكيف بالتارك من غير استئذان؟
وقال في وصفهم بالشح: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ﴾ ٣ إلى قوله: ﴿وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ ٤؛ فإذا كان هذا ذَمُّ الله ﵎ لمن أنفق وهو كاره، فكيف بمن ترك النفقة رأسا؟
وقد أخبر أن المنافقين لما قربوا من المدينة؛ تارة يقولون للمؤمنين: هذا الذي جرى علينا بشؤمكم، فأنتم الذين دعوتم الناس إلى هذا الدين، وقاتلتم عليه وخالفتموهم. وتارة يقولون: أنتم الذين أشرتم علينا بالمقام هنا، وإلا لو كنا قد سافرنا، ما أصابنا هذا.
وتارة يقولون: أنتم مع قلتكم وضعفكم تريدون أن تكسروا العدو، وقد غركم دينكم. وتارة يقولون: أنتم مجانين لا عقل لكم تريدون أن تهلكوا أنفسكم وتهلكوا الناس معكم. وتارة يقولون أنواعا من الكلام المؤذي، فأخبر الله عنهم بقوله ﷿: ﴿يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلًا﴾ ٥، فوصفهم ﵎ بثلاثة أوصاف:
الأول: أنهم -لخوفهم- يحسبون الأحزاب لم ينصرفوا عن البلد، وهذا حال الجبان الذي في قلبه مرض، فإن قلبه يبادر إلى تصديق الخبر المخوف، وتكذيب خبر الأمن.
الوصف الثاني: أن الأحزاب إذا جاؤوا تَمَنَوْا أن لا يكونوا بينكم؛ بل في البادية بين الأعراب يسألون عن أنبائكم: أيش خبر المدينة؟ وأيش خبر الناس؟.
الوصف الثالث: أن الأحزاب إذا أتوا، وهم فيكم لم يقاتلوا إلا قليلا. وهذه الصفات الثلاث منطبقة على كثير من الناس.
_________
١ سورة الحجرات آية: ١٥.
٢ سورة التوبة آية: ٤٤.
٣ سورة التوبة آية: ٥٤.
٤ سورة التوبة آية: ٥٤.
٥ سورة الأحزاب آية: ٢٠.
1 / 14