Bangaren Gefen Hankali na Musulunci
الجانب العاطفي من الإسلام
Nau'ikan
بجلاء، وأن ترتفع حناجر المصلحين به. وقد حملنا نحن المسلمين حضارة أعلت قدر الإنسان، ولفتت نظره إلى أن ملكوت السموات والأرض ممهد له (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) . إن هذا التسخير لآفاق السماء وفجاج الأرض وجعلها فى خدمة الإنسان يتضمن إشارة بينة إلى أن الإنسان خلق ليكون سيدا لا ليكون مهانا. وأن سجود الملأ الأعلى له فى السموات معناه أن يحيا على ظهر هذه الأرض سيدا موفور الحرمة مدعوم المكانة، إذ وظيفته أن يخلف الله فى أرضه. ولكن لا يجوز عند انشغال الإنسان بأعباء العيش الأرضية أن ينسى حقوق ربه الذى أسندها إليه، والذى قواه عليها. قال تعالى: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم) . وقد صالح الإسلام فى تعاليمه بين مطالب الجسد ومطالب الروح ، وبين واجبات الدنيا وواجبات الآخرة، فكأن الإنسان بعد هذا الصلح الذى عقده الإسلام كيان واحد يستقبل به عالما ليست فيه فواصل بين الموت والحياة. وتوضيحا لهذا المنهج الوسط قيل لكل إنسان : (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين). ليس فى الإسلام إذن انفصال بين العمل للدنيا والعمل للأخرى فإن العمل للدنيا بطبيعته يتحول إلى عبادة ما دام مقرونا بشرف القصد وسمو الغاية. وليس فى الإسلام تغليب للجسد على الروح، ولا للروح على الجسد، إنما فيه تنظيم دقيق يجعل معنويات الإنسان هى التى تتولى قياده وتمسك بزمامه، فلا هو براهب يقتل نداء الطبيعة، ويميت هواتف الفطرة، ولا هو مادى يتجاهل سناء الروح وأشواقها إلى الرفعة والخلود. إن الإسلام يلح على كل إنسان فوق ظهر الأرض، ألا ينسى نسبه السماوى، وألا يتجاهل أصله المنبثق من روح الله. وللجسد حقوق مقدرة، وقد قال الله فى وصف أنبيائه : (وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين) 088
Shafi 76