جميل بثينة
جميل بثينة
تأليف
عباس محمود العقاد
تمهيد
كتبت هذه الرسالة عن جميل بن معمر الذي شهر بثينة بحبه حتى اشتهر بها، فسمي جميل بثينة، وكان في زمانه إمام العشاق العذريين غير مدافع، وأستاذ المدرسة الغزلية التي تجري على طريقته في النسيب والتشبيب، وهي مدرسة الشعراء المحبين الموكلين بمحبوبة واحدة، ينظمون الشعر فيها ولا ينظمونه في غيرها، وقلما يطرقون بابا من النظم غير باب النسيب.
وقد اعتمدنا في أخباره على مصادر كثيرة، لم نر بينها ما هو أولى بالرجوع إليه، والاعتماد عليه من كتاب «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني؛ لأنه أقرب إلى التمحيص والتثبت فيما يرويه، فضلا عما تعودناه منه في أمثال هذه السير من الجمع والاستيفاء.
والذي يبدو لنا من مجمل أخباره التي راجعناها أنه «شخص طبيعي»، تصدر منه الأقوال والأعمال التي يعقل أن تصدر عن كل موصوف بمثل صفاته، وإن وقع فيها الخلط والاضطراب، كما يقع في أخبار جميع الأحياء الذين نراهم رأي العين.
فهو سند صالح لمعظم أقواله وأعماله، كما أن أقواله وأعماله مادة صالحة «لتكوين» شخص على مثاله، والترجمة لحياة كحياته.
فإذا قرأنا شعره وحوادث غرامه فهمناه، وإذا فهمناه سهل علينا أن نعود إلى ما قاله وما قيل فيه، فنعرف منه الزيف والصحيح، ولو على سبيل الترجيح.
Shafi da ba'a sani ba