Jami'in Kabir
الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور
Bincike
مصطفى جواد
Mai Buga Littafi
مطبعة المجمع العلمي
البيت الأول أتبعته بذكر الردى في آخره، ليكون أحسن طباقًا وتلازمًا. ولما كان وجه الجريح المنهزم يكون عبوسًا وعينه باكية قلت (وجهك وضاح وثغرك باسم) لأجمع بين الأضداد في المعنى. فأعجب سيف الدولة كلامه. وأمثال ذلك كثيرة إلا أنه يحتاج الناقد لها والمميز بين جيدها ورديئها إلى فكرة صافية، وروية زائدة.
الضرب الثاني من النوع العشرين في صحة التقسيم وفساده
اعلم أنا لم نرد بالتقسيم هاهنا ما تقتضيه القسمة العقلية كما يذهب إليه المتكلمون؛ فإن القسمة العقلية تقتضي أشياء مستحيلة، كما قالوا (الجواهر لا تخلو إما أن تكون مجتمعة أو مفترقة. أو لا مجتمعة ولا مفترقة. أو مجتمعة مفترقة معًا. أو بعضها مجتمعة، وبعضها مفترقة). ألا ترى أن هذه القسمة صحيحة من حيث العقل لاستيفاء الأقسام جميعها، وإن كان من جملتها ما يستحيل وجوده، فإن
الشيء لا يكون مجتمعًا مفترقًا في حالة واحدة، وإنما تريد نحن بالتقسيم هاهنا ما يقتضيه المعنى، مما يمكن وجوده؛ وهو أن يأتي المؤلف إلى جميع أقسام الكلام المحتملة فيستوفيها، غير تارك منها قسمًا واحدًا. فمن ذلك قوله تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) فإنه لا يخلو العالم من هذه الأقسام الثلاثة: أما عاص ظالم لنفسه وإما مطيع مبارد إلى الخيرات وإما مقتصد بينهما، وهذا من أصح التقسيمات وآكملها، فاعرفه.
ومن هذا النحو قوله تعالى (وكنتم أزواجًا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون) الآية. وأعلم أن هذه الآية مماثلة في
1 / 218