217

Jami'in Kabir

الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور

Bincike

مصطفى جواد

Mai Buga Littafi

مطبعة المجمع العلمي

وَقَفْتَ وما في الموت شك لِواقف ... كأنكَ في جفَن الردى وهو نائم تمرُّ بك الأبطال كلمى هزيمةً ... وَوَجهُك وَضّاحُ وثغرُكَ باسِمُ ولقد أخذ عليه ذلك، وقيل: لو جعل آخر البيت الثاني آخر الأول لكان أولى؛ وحكاية أخذه عليه أنه استنشده سيف الدولة يوما قصيدته التي أولها: (على قدر أهل العزم تأتي العزائم). فلما بلغ إلى قوله: (وقفت وما في الموت شك لواقف) البيتين قال له: وقد انتقدت عليك هذين البيتين كما أنتقد على امرئ القيس قوله: كأني لم أركب جوادًا للذَّة ... ولم أتَبَطَّنْ كاعبًا ذات خَلْخالِ ولم أسبأ الزَّقَ الرويَّ ولم أقُلْ ... لخيليَ كُرّي كرةً بَعْدَ إجفالِ فبيتاك لم يلتئم شطراهما كما لم يلتئم بيتا امرئ القيس، وكان ينبغي أن يقول: كأني لم أركب جوادًا ولم أقل لخيلي. . . ولم أسبأ الزق الروي. . . وكذلك ينبغي أن تقول: وقفت وما في الموت شك لواقف ... ووجهك وضاح وثغرك باسم تمر بك الأبطال كَلْمىَ هزيمة ... كأنك في جفن الردى وهو نائم فقال المتنبي: إن صح أن الذي استدرك على امرئ القيس هذا وهو أعلم بالشعر منه فقد أخطأ امرؤ القيس وأخطأت، ومولانا يعلم أن الثوب لا يعلمه البزاز كما يعلمه الحائك؛ لأن البزاز يعلم جملته، والحائك يعلم تفاصيله. وإنما قرن امرؤ القيس النساء بلذة الركوب للصيد وقرن السماحة بسباء الخمر للاتصاف بالشجاعة في منازلة الأعداء، وكذلك لما ذكرت الموت في صدر

1 / 217