============================================================
الغم، فرجع بها إلى بيته وأمر زوجته بطبخيا ولم يحضر إذ ذاك عندهم شيء من الحطب والخبز، قابتدر حبيب بأمرهما وأتى بهما وطبخت المرأة قطعة اللحم المذكررة وصبتها في الماعون، فإذا بسائل يسأل شيئا لله، فاجابته المرأة وهي تقول: نحن أشد احتياجا إلى ما تقتات به، فلما ذهب السائل انقلب ما في الماعون دمأ خالصا، فبكت المرأة وقالت لحبيب: أيها الرجل هذا جزاء ضيفك ولنرى اكثر من ذلك وأطالت اللسان في التقريع والتوبيخ، فندم حبيب على ما كان عليه بمشاهدة ذلك بعينيه، وجعل يبكي وينتب، وكاد أن يتقطع أسفا، قلما أصبح خرج من بيته على عادته، فراى الأولاد يلعبون في الطريق، قال بعضهم لبعض تنخو عن الطريق لثلا يصيبكم من غبار قدم حبيب الآكل للربا، ويمسكم ما يمته من العذاب، فلما سمع ذلك اهتدى إلى احسن المسالك، وتوجه إلى عارف وقته وعصره ال ورنيس بلدته ومصره الشيخ أبي علي الحسن البصري، وبايعه على التوبة الخالصة لله تعالى وأخذ عنه العهد الوثيق إلى سلوك الطريق، ثم قام من عند الحسن البصري، ورجع إلى بيته، فرآه أحد مديونيه في الطريق، فأخذ اا سعى ويفر منه، فناداه حبيب، وقال: علي وچجپ الفرار بعد اليوم، ثم مر على أولتك الأولاد فلما رأوه قال بعض لبعض: اتقوا أن لا تؤذوا الحبيب التائب بعجعاج أقدامكم، فتكونوا بذلك من الخاطنين، فقال في نفسه: سبحان الله، التقبل إلى الله يفضي في ساعته إلى الذكر الجميل والثناء الحميد، وشكر الله تعالى على ذلك، واستأجر مناديا ينادي في البصرة، من له حق على حبيب فليأته ويأخذه منه، فاجتمع عليه ناس كثيرون وقسم عليهم ما يملكه من المال، فلم يبق عنده سوى ثيابه وثياب أهل بيته، ثم لم يزل يتردد على الحسن البصري ويتعلم منه علوم الشريعة والطريقة ويقوم الليالي على قدم المجاهدة ويشتغل بالطاعة والعبادة وقعد عن الاشتغال بالمعاملة وعن كل شاغل، فشكت إليه زوجته ضيق المعاش، وإنها لا تجد في بيته مما يتعيش به، فقال: استأجرني كريم أعمل له ووعدني بالأجرة بعد مضي عشرة أيام، وأنا أستحي من المطالبة قبل حلول الأجل، فسكنت المرأة بقوله، ومشى هو على عادته بالعبادة، ولما مضت عشرة أيام، جاء
Shafi 253