فإن قال: فما يشفع لمن ارتضى؟ قيل له: زيادة في الثواب، وتشريفا لهم في المنازل.
وإن قال: فيخلدهم في النار؟ قيل له: نعم، كذلك قال: {وما هم منها بمخرجين}، و{أصحاب النار هم فيها خالدون}، وقال: {كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها}.
وقد قال الله: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين}، والله أصدق القائلين، فقد بين في كتابه.
[مسألة: في عذاب القبر]
فإن قال: فما تقول في عذاب القبر؟
قيل له: إن ذلك إلى الله، وهم عبيده، إن شاء عذبهم في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة.
فأما عذاب الآخرة فلا شك فيه، ومن لم يؤمن بالجنة /52/ والنار وعذاب الآخرة فليس بمؤمن، -وقد بينا ذلك فيما تقدم-، فقد قال الله في اليهود قوله: {ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار}، فأما عذاب النار فلابد لهم منه -كما قال-، وقد كتب عليهم في الدنيا الجلاء من المدينة.
وقد قال الله في [عذاب] الدنيا: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون} فهو كذلك -كما قال-، إن شاء عذبهم في الدنيا بما يشاء، وعاقب فيها من شاء، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وقد قال في قوم هود: {لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون} فهذا لا شك فيه.
فأما عذاب القبر فهو القادر على ذلك إن شاء عذب، وإن شاء عفا، وقد يوجد في الدعاء أن يسأل الله ويستعاذ به من الكفر والفقر وعذاب القبر، وموقف الخزي في الدنيا والآخرة.
Shafi 73