قيل له: إن الولاية قد اتفقنا أنها ثواب، والثواب هو الجنة، والجنة في الآخرة ليس في الدنيا.
فإن قلنا: إنه يثيبه على عمل المعصية خالفنا كتابه؛ لأنه قال: {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون}، وإنما جعل لهم ذلك بعمل الصالحات، فأما عمله بالمعصية فلا يثاب عليه بها، وقد علم الله أنه تائب، وله بعد التوبة الجنة، والجنة في الآخرة، وما عمل بالمعصية قبل التوبة ثم تاب تاب الله عليه كما قال، ولا نحكم في ذلك إلا كما حكم الله أن من لقيه تائبا فله الجنة، ومن لقيه على الإصرار فله النار، وذلك كله على ما يلقونه به من أعمالهم التي علم أنهم سيعملونها ولا محالة عما علم الله، وليست معاداة الله وولايته كما يكون من المخلوقين فتكون تتقلب، فتعالى الله عن كل شبه.
والعداوة هي إيجاب العقاب، ولا يجب العقاب في الآخرة لمن علم أنه يصير إلى الثواب، وكذلك لا يصير إلى الثواب من علم الله أنه يصير إلى العقاب، ولا مخرج للخلق من علم الله السابق فيهم، فأما ثوابهم وعقابهم فقد بينا معناه في الآخرة أنه مجازاة لهم.
وأما ولايته في الدنيا فالنصر لهم، وقد قال: {[ذلك ب]أن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم}؛ أي: لا ناصر لهم.
مسألة: [من آمن وعلم الله أنه من أهل الإيمان تولاه]
- وسأل: قد قال المسلمون: إن من علم الله أنه يؤمن وهو يعمل بالمعاصي أنه مؤمن، وهو في الولاية، وإن أبا بكر وعمر -رحمهما الله- كانا في الشرك وهما مؤمنان بالله؟
قيل له: هذا تأويل إن صح ما رويته، فإن كان معنى أنه في علم الله أنه يؤمن وهو في الولاية بإيمانه، فذلك كذلك من آمن وعلم الله أنه من أهل الإيمان تولاه، أي: أثابه على إيمانه الجنة.
Shafi 47