فإن قال: لو جاز أن يكون مريدا، والمراد معدوم قياسا على المعلوم؛ لكان لنا مرادات معلومة، كما جاز أن يكون لنا معلومات معدومة.
قيل له: وليس صفات الله تعالى فيما أراد وعلم كصفات العباد في إرادتهم وعلمهم، وقد انتفى الله من الأشباه بشيء من خلقه في صفاته وعلمه وإرادته بقوله: {ليس كمثله شيء}، فلا تكون له علة؛ لأن إرادة العباد وعلمهم هو شيء غيرهم، والله هو المريد العالم بلا شيء هو غيره.
وقوله: لكان لنا إرادات [معدومة] كما لنا معلومات معدومة.
قيل له: فإرادتنا وعلمنا أعراض، والله /74/ تعالى بريء من كل ذلك -جل وعلا- لا يشبه بخلقه، ومراد الله للشيء لا يشبه بمرادنا، وعلمه لا يشبه بعلمنا، لا يشبهه خلقه. والله تعالى إنما وصف نفسه بأنه العالم الحي القادر المريد الخالق، إذا أراد شيئا أن يقول له: كن فيكون.
فهذه صفته لنفسه، فإحداثه للأشياء على ما علم وأراد في أوقات كونها. ألا ترى أنه لم يزل عالما بها قبل كونها، كذلك قادر عليها في حين كونها، وهو القادر قبل كونها، فكذلك مريد لها في حال كونها، وهو المريد لما يكون قبل كونه، وهو الله لا إله غيره، فهذه الصفة وصف نفسه أنه الفعال لما يريد، والعالم والقادر على ما يريد، وهو الله السميع الرحمن الرحيم، الخالق الرازق المصور {له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}.
3 - باب:
مسألة: في الضلال
- وسأل فقال: ما معنى قول الله: {من يضلل الله فلا هادي له}؟
قيل له: من علم الله أنه يضل لم يكن له هاد.
- وعن قوله: {من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم}؟
قيل له: من علم أنه يضل لم يهتد، ومن علم أنه يهتدي لم يضل.
Shafi 104