Jamal Din Afghani
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
Nau'ikan
كما تقوم الماسونية على الأثرة والأنانية وحب الرئاسة، والأفغاني لا يحب الرياسة بل يتوجه إلى الجماهير. كما تسود الجماعة الأهواء والانفعالات البشرية دون مراعاة لحق مطلق أو مبدأ ثابت. ويبدو أنها تهدف إلى إخضاع الشرق وتهديده ووعيده، وأنها نحلة غربية تقع تحت معاداة الأفغاني لاستعمار الغرب للشرق. الماسونية لم تزل في المهد وقد تختنق في المهد إذا لم يفقه مغزاها أحد. الماسونية اليوم مجرد
كيس أعمال وقبول أخ . نوع من أساطير الأولين، تخل بعقائد الناس، وتقسمهم إلى رئيس ومرءوس، تابع ومتبوع، غرب يأمر وشرق يرضخ، غرب يجمع المال وشرق يدفع الجزية. لن تعيش الماسونية في الشرق؛ لأنها لا تعبر عن مصالحه ولا تبغي تحرره، وهي أحد مظاهر الهيمنة للغرب. (2) التقدم والتخلف
ويحاول الأفغاني أن يرصد بعض القوانين العامة لنهضة الشعوب وسقوطها تنطبق على جميع الأمم عبر التاريخ وليس فقط على الأمة الإسلامية، وهي قوانين التقدم والتخلف على أساس أن النهضة هي القاعدة والسقوط هو الاستثناء، أن التقدم هو الأصل والتخلف هو الفرع، مفسرا الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لاستنباط هذه القوانين أو واصفا حوادث التاريخ مستقرئا لها، جمعا للتنزيل مع التأويل. ربما تنقص الصياغة النظرية ولكن الهم واضح، والنية معلنة.
كانت للمسلمين شدة في الدين وقوة في الإيمان وثبات في اليقين. وكانت العقيدة من أوثق الأسباب لارتباطهم. وكان الإيمان يؤدي إلى السعادة في الدارين. وكان العلماء مرشدين للناس، موجهين للعامة. والمسلمون تحكمهم الشريعة، مطالبون بالحفاظ على ما لديهم من البلدان. ثم غفل المسلمون عن بعضهم البعض. ولم يتألموا لما حل ببعضهم البعض. كان أهل بلوخستان يرون حركات الإنجليز في أفغانستان ولا يتحركون. والأفغانيون يرون تدخل الإنجليز في إيران ولا يتكلمون. ويضرب الإنجليز في الأراضي المصرية، تقتل وتفتك ولا ينجد المسلمون. فتفكك الرابطة الدينية سبب الانهيار والاستعمار، وقوتها سبب النهضة والتحرر.
وتمسك المسلمين بالعقائد له أسبابه؛ إذ تبعث الأفكار والعقائد على الأعمال تثبتها. والإنسان بفكره وعقائده، وللأخوة ونسب القرابة صورة من العقل، وهما من الروابط الإنسانية. والآن لم يبق للمسلمين إلا الدين والعمل، وانقطع التعارف بينهم، وهجر العلماء بعضهم بعضا، ولا سفارة للعثمانيين في مراكش ولا لمراكش عند العثمانيين. ولا توجد صلات بين العثمانيين والأفغان. كثرت المذاهب والتشعب والخلاف في بداية القرن الثالث للهجرة. وانقسمت الخلافة إلى عباسية في بغداد، وفاطمية في مصر والمغرب، وأموية في أطراف الأندلس. ثم ظهر جنكيز خان وأولاده وتيمورلنك وأحفاده. وواجب العلماء الآن إحياء الرابطة الدينية والترابط بينهم.
13
واضح أن الأفغاني هنا ينوع على نفس القانون. فالنهضة بالدين والعمل، والسقوط بالدين دون العمل. كما أن التقدم بالترابط والتخلف بالتفكك. ويكون القانون هو: ترك ما كان سببا للصعود يؤدي إلى الهبوط والسقوط.
والجهاد أيضا قانون تاريخي. الجهاد سبيل النهوض، والنكوص يؤدي إلى الانهيار. ويعتمد الأفغاني هنا على استنباط هذا القانون من الآيات القرآنية، مثل
ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين . الجهاد امتحان واختبار للنفس. وجهاد للعدو ضد الخوالف المثاقلين إلى الأرض. الجهاد سبيل النهوض والنكوص، والقعود الطريق إلى السقوط. ويذكر أيضا
لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون . فالإيمان بالله يؤدي إلى الجهاد، أي إلى العمل مثل القانون السابق. فإن تخلت الأمة عن الجهاد فإنها لا ترث الأرض بل ترثها أمة غيرها
Shafi da ba'a sani ba