ومنهم: من تجاوز ذلك إلا أنه لم يبلغ مبلغا يعد به في الفصحاء ، ولا يتأتى له التصرف في شيء من أقسام الكلام ، على وجه يعد فصاحة وبلاغة .
ومنهم: من تجاوز ذلك إلى أن كاد يناطح فصحاء العرب ، ويباريهم في أقسام المنظوم ، وأصناف المنثور .
والثالثة: هم فصحاء العرب الذين حصلت لهم مزايا الفصاحة طبعا لا تكلفا ، وسجية لا تعملا ، ولا إشكال على أحد في أن الاتيان بمثل القرءان متعذر على الطبقة الأولى ، الذين لا معرفة لهم بشيء من لغات العرب ، والطبقة الذين يلونهم ، وهم الذين أخذوا منها يسيرا لا يؤبه لمثله . والطبقة الذين يجاوزونهم ، إلا أنهم لم يلحقوا بشأو الفصحاء ، ولم يحلوا بواديهم ، وهؤلاء لا يتعذر عليهم صياغة بيت من الشعر ، لكن لا يعد في الفصاحة ، وإنشاء رسالة أو خطبة ، لكن لا يحكم لهم بالبلاغة .
وإنما يقع الاشتباه في حالة الطبقتين الأخريين ، وهم الذين بلغوا من هؤلاء مرتبة الفصحاء ، ولحقوا بدرجة البلغاء ، وتصرفوا في أقسام الكلام ، ثم فصحاء العرب الذين جاوزوا الفصاحة والبلاغة طبيعة وجبلة .
Shafi 130