ولا يصح أن يقال: إنهم شكوا في حاله (¬1) ، لأن علمهم بمثل هذا علم ضرورة ، على أنهم لو شكوا كان أقل ما يكون منهم أن يجربوا أنفسهم ، ليحصل لهم العلم به بذلك ، فيعود الأمر إلى ما قلناه ، من أنه لا بد من أن يكونوا عرفوا ذلك وتحققوه .
ولا يصح أن يقال: [إنهم] تركوا معارضته لأنهم وجدوه كسائر الكلام المعتاد الذي كان يجري بينهم دائما في محاوراتهم ومخاطباتهم ، لأن العلم بأنه بخلاف ذلك علم ضروري . ولأن ذلك لو كان كذلك لجرى مجرى أن يدعي النبوة ، ويتحداهم بأنه يأكل ويشرب ويقوم ويقعد ، ويتصرف كما يتصرف غيره ، ويجعل ذلك معجزته صلى الله عليه وآله ، وهذا لا يجوز أن يقع من العاقل الذي يكون غرضه أن يعظم في الصدق ، ويعتقد فيه أنه ممن يجب أن يطاع ، وأن يأتمر الخلق لأوامره ، وينزجروا عند زواجره ، لأن ذلك مما يجري مجرى التسوية بالنفس إليه (¬2) ، [وهذا] يؤدي إلى أن يسخر منه ويستهزأ به ، ويسقط بإيراده من العيون ، وتنحط منزلته ، لأن ذلك مما ينفر عنه أصحابه ، ويمكن أعداءه من التسلق (¬3) عليه ، ولأن ذلك لو كان كذلك لاحتج به الأعداء ، وقرعوه وقرعوا أصحابه . وهذا يوضح بطلان قول من يتعلق بذلك .
Shafi 128