فيقال لهذا الجاهل السخيف: أرأيت لو أن بعض سخفاء الكتاب المتأخرين في البلاغة كتب كتابا يظن (¬1) اللفظ ساقط المعنى ، ثم يذكر أنه عارض به رسائل المتقدمين في صناعة الكتابة ، ثم اعتذر بما اعتذرت به ، فقال: يجب أن لا يتفاضل الاعتقاد فيهما فيعظم كلامه ، ويصغركلامي ، هل يكون جوابه عند أهل المعرفة بهذا الشأن إلا التبسم والاستسخاف لعقله ومعرفته ؟!
وأما قوله: (( وليكثر من تلاوته كما أكثر من تلاوة الآخر . . . )) إلى آخر الفصل ، إلى ذكره المأكول والمشروب والمنكوح ، كلام جاهل بالعبارات ، أو متجاهل .
لأن المعلوم من أحوال الناس وعاداتهم التي لا تكاد تخفى على المراهقين فضلا على البالغين المحصلين: أن الاكثارمن الشيء تلاوة كانت فيما يتلى ، أو شربا فيما يشرب ، أو غير ذلك يوجب الملال ، ويسبب السآمة ، ويصور المتلو والمشروب والمأكول والمنكوح يصوره بما يستقل ، لهذا يعدل الانسان في هذه الأمور من شيء إلى شيء ، مستريحا إلى الثاني عند الملال من الأول ، ولهذا يستكثر من ألوان الطبيخ .
ولهذا يعدل في النكاح عن الحلال الحاصل إلى الحرام المستحدث ، وربما كان من يتمكن الانسان منها أصبح (¬2) وجها ممن لا يتمكن ، وليس الغرض فيه إلا الاستلذاذ للجديد ، فالأمر فيما ذكره إذن على العكس مما قاله .
Shafi 112