ولم يتحصل لنا العلم بكل ما ذكرنا ، إلا من حيث علمنا أن شيئا من ذلك لو كان لنقل ، ولو نقل علم . فبان بما ذكرنا أن القرءان لم يعارض ، لأنه لو كان عورض لنقل ، ولو نقل لحصل لنا العلم .
فإن قيل: إن جميع ما استشهدتم به قد وقع العلم لنا بصحته ولا ننكره . ولكن من أين وجب أن يكون حكم معارضة القرءان حكم ما استشهدتم به ؟!
قيل له: لأن ما ذكرنا من الطريقة أمر عام ليس يختص شيئا دون شيء ، فيجب أن تكون جميع الطرق التي تتعلق بها الدواعي إلى نشرها وذكرها ، وتقوى البواعث عليها ، جارية في هذا الباب مجرى واحدا .
فإن قيل: فكأنكم تقولون: إن كل ما لم ينقل من الأحوال الماضية نقلا متواترا يجب القطع على أنه لم يكن . ولئن قلتم ذلك لزمكم أن تقطعوا على أنه لا معجز للنبي صلى الله عليه وعلى آله إلا ما يكون الخبر به متواترا . ويلزمكم القطع على أن كل خبر يروى عنه صلى الله عليه وعلى آله من طريق الآحاد كذب لا أصل له . وهذا خلاف ما بين المسلمين . ويلزمكم في أحوال الدنيا والمعاملات أن كل ما لا يتواتر الخبر به من المجوزات ، فهو مقطوع على أنه لم يكن ، وفي هذا من الفساد ما لا يخفى ؟!
Shafi 86