وروي (( أنهم اجتمعوا وتشاوروا حوله في أمره,أبو جهل لعنه الله والملأ من قريش ، قد التبس أمره (¬2) ، فقالوا: فعليكم برجل يعرف السحر والكهانة والشعر . فقال عتبة بن ربيعة: أنا لذلك . فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخاطبه (¬3) إلى أن تلا عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: { بسم الله الرحمن الرحيم حم (1) تنزيل من الرحمن الرحيم (2) كتاب فصلت آياته } [فصلت] حتى انتهى إلى قوله: { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود (13) } [فصلت] . فقال عتبة: ناشدتك الله والرحم ، إلا كففت . وقام جزعا دهشا مرعوبا . ورجع إلى أصحابه ، وذكر لهم الحال ، وعرفهم أنه تحير فيه ، وأنه ليس من الشعر ، وكلام الكهنة في شيء )) (¬1) .
وقد حكى الله تعالى عن بعضهم أنه قال: { سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا } [الأنفال: 31] ، ويقال: إنه أمية بن خلف لعنه الله (¬2) .
وهذا دليل على أنه عرف التحدي والتقريع فدفع عن نفسه بما قال في نفس الوقت والحال .
وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما هاجر إلى المدينة ، كثر المنافقون واختلطوا بالمسلمين ، وحضروا الجماعات ومواضع الصلوات . وكذلك أهل الكتاب اختلطوا بالمسلمين حتى لم يخف عليهم عامة أحوالهم . فكيف يظن بأنه خفي عنهم آيات التحدي بواحدة .
وفي وقوف بعضهم عليها وقوف عامة المشركين , لأنهم كانوا يهدونها إليهم ولو على أجنحة الطير ، لأغراض مختلفة على ما بيناه ، فيسقط بما قلنا ما سألوه .
فإن قيل: يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم استكتمهم هذه الآيات فكتموها ، وأذاعوا سائر القرآن .
قيل له: هذا لا يصح ، ولا يظنه عاقل لوجهين:
Shafi 77