102

وهو مع ذلك قد ابتدأ أمره يستتب ، وحاله ينتظم ، وقد آمن به قوم بما ظهر من سائر آياته ، وصار أصحابه في الزيادة .

فإذا كانت أحواله جارية على ما مثلنا ، ماضية على ما وصفنا ، فمن الخطأ العظيم الفاحش ، الذي لا يقع (¬1) مثله من العقلاء ، أن يأتي بأمر أقل ما فيه أن يغلب على الظن إن لم يكن معلوما مقطوعا به أن يفضحه في أقرب مدة ، وأرخى (¬2) زمان ، ويفسد حاله ، وتبطل دعوته ، ويظهر كذبه .

فإذا ثبت ما ذكرناه ، صح وبان أن هذا القرءان لم يكن من عنده صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنما كان من عند علام الغيوب جل وتعالى ، وعلى أن هذا التحدي لم يقع منه مرة واحدة ، أو في سورة واحدة ، فينسب إلى الاتفاق والغفلة . بل كرره صلى الله عليه وآله وسلم حالا بعد حال ، وأورده في سور كثيرة ، وأمر أصحابه بتلاوته في جميع القرءان ، إلى أن اختار الله عز وجل له دار كرامته ، لم يتلوم فيه ، ولم تضعف نفسه صلى الله عليه وآله وسلم ، وما جرى هذا المجرى لا يجوز أن ينسب إلى أنه اتفق على سبيل الغلط والخطأ . وإذا لم يجز ذلك وبان فساده ، صح ما قلناه من أنه من عند الله عز وجل .

Shafi 154