164

Itharat Targhib

إثارة الترغيب والتشويق إلى المساجد الثلاثة والبيت العتيق‏ - الجزء1

Nau'ikan

المفاوز؛ لأن سفر الآخرة أطول، وعطش حشر القيامة أشد.

وما أحسن كلام أبى ذر الغفارى- رضى الله عنه- فى هذا المعنى عند الكعبة:

يا أيها الناس، أنا جندب بن الغفارى، هلموا إلى الأخ الناصح الشفيق، فاكتنفه الناس، فقال: أرأيتم أن أحدكم إذا أراد سفرا؛ أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه، ويبلغه؟ قالوا: بلى. قال: فسفر طريق القيامة طريق أبعد ما ترون، فخذوا ما يصلحكم، قالوا: وما يصلحنا؟ قال: حجوا حجة لعظائم الأمور، وصوموا يوما شديد الحر لطول النشور، وصلوا ركعتين فى سواد الليل لوحشة القبور. كلمة خير يقولها، أو كلمة شر سكت عنها لوقوف يوم عظيم. تصدق بمالك لعلك تنجو من عسيرها. اجعل الدنيا مجلسين: مجلسا فى طلب الحلال، ومجلسا فى طلب الآخرة. والثالث يضرك ولا ينفعك، لا ترده، فاجعل المال درهمين: درهم تنفقه على عيالك من حله. ودرهم تقدمه لآخرتك. والآخر: يضرك ولا ينفعك؛ لا ترده.

ثم نادى بأعلى صوته: يا أيها الناس، قد قتلكم حرص لا تدركونه أبدا.

وليتذكر تقطع العقبات والفيافى: عقبات يوم القيامة، وبالموقف على عرفة العرفات، لتذكر النفس تعارف أبينا آدم، وأمنا حواء، بل تعارف الأرواح فى الذر؛ حين أخذ الميثاق، فيذكر طيب ذلك العيش، ويذكر وقوفه فى دار جزائه ومسائلته مولاه، والإقامة فيها إلى غروب شمس وجود البشريه إلى وجود الحقانية والرجوع من الكل إلى مكون الكل، والعبور بين علمى الممثولين، وحمل حصى الاختصاص؛ فمن مزدلفة قاب قوسين، ثم العزم على المبيت بالمشعر الحرام. قال الله تعالى: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام (1) ثم الإسراع فى وادى محسر: الوداد بين القلب والروح، والسر والفؤاد، والفوز بالتجاوز عن خوف الخيف.

ولما وردنا الحى راحت عقولنا

إلى موقف الأحباب فى حرم الوصل

وطفنا وطافت بالطواف سرائر

غنينا بها عما نشاهد بالعقل

Shafi 191