ولذا تقرَّر عند جمهور أهل السُّنَّة والجماعة وجوب محبة قرابة النَّبيِّ ﷺ، والإحسان إليهم، ورعاية حقوقهم. قال الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ (^١)، وقد نصَّ علماء أهل السُّنَّة على هذا في كتب العقائد، وجعلوا ذلك من جملة أصولهم في الاعتقاد.
قال الإِمام أبو بكر الآجرِّيِّ في "كتاب الشَّريعة" (^٢):
"واجبٌ على كلِّ مؤمن ومؤمنة محبَّة أهل بيت رسول الله ﷺ: بنو هاشم؛ عليُّ بنُ أبي طالب وولدُه وذرِّيَّتُه، وفاطمةُ وولدُها وذرِّيَّتُها، والحسنُ والحسينُ وأولادهما وذرِّيَّتُهما، وجعفر الطَّيَّارُ وولدُه وذرِّيَّتُه، وحمزةُ وولدُه، والعبَّاسُ وولدُه وذرِّيَّتُه ﵃؛ هؤلاء أهل بيت رسول الله ﷺ، واجب على المسلمين محبَّتهم، وإكرامهم، واحتمالهم، وحسن مداراتهم، والصَّبر عليهم، والدُّعاء لهم".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "العقيدة الواسطية" (^٣) ضمن تقرير عقيدة أهل السُّنَّة:
"ويُحبُّون أهل بيت رسول الله ﷺ ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله ﷺ حيث قال يوم غدير خمٍّ: "أُذكِّركم الله في أهل بيتي" (^٤). وقال للعبَّاس عمِّه وقد اشتكى إليه أنَّ بعض قريش يجفو بني هاشم فقال: "والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يُحبُّوكم لله ولقرابتي" (^٥) ". ثم ساق حديث واثلة بن الأسقع المتقدِّم، وهو في "صحيح مسلم".
_________
= ثم جعل بني إبراهيم فرقتين: بني إسماعيل، وبني إسحاق، أو جعل العرب: عدنان وقحطان، فجعلني في في إسماعبل، في بني عدنان. ثم جعل بني إسماعيل أو بني عدنان قائل، فجعلني في خيرهم قبيلة: وهم قريش". اهـ كلامه يرحمه الله. وانظر كذلك في تقرير هذه المسألة والنظر في أدلتها: "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٢٧/ ٤٧٢ وما بعدها)، "مسبوك الذهب" للكرمي (ص ٤٢).
(^١) الشورى (آية: ٢٣).
(^٢) باب ذكر إيجاب حبّ بني هاشمٍ أهل بيتِ النَّبي ﷺ على جميع المؤمنين (٥/ ٢٢٧٦) - تحقيق الدكتور عبد الله الدميجي.
(^٣) "العقيدة الواسطية بشرح الفوزان" (ص ١٩٥).
(^٤) أخرجه مسلم (٢٤٠٨) من حديث زيد بن أرقم ﵁.
(^٥) أخرجه أحمد (١/ ٢٠٧)، وهو حسنٌ بشواهده.
انظر تخريجه والحكم عليه في القسم المحقق برقم (١٢٠).
1 / 13