. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= خصوصًا وأنَّ دعاة القومية العربية -أخزاهم الله- يأخذون من هذا الكلام تأييدًا لما ذهبوا إليه! والواقع أنَّ أهل السُّنَّة والجماعة وإن قالوا بتفضل العرب في الجملة إلَّا أنهم يجعلون التقوى والعمل الصالح أهم ما يفضل به الشخص عند الله وعند الناس؛ وكلامهم في هذا يطول جدًّا.
وقد أطال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية الكلامَ في هذه المسألة في "اقتضاء الصراط المستقيم" (١/ ٣٧٤ - ٤٠٥). وفي مواضع من كتبه، وقد نقل عن أبي محمد حرب بن إسماعيل صاحب الإمام أحمد كلامًا في وصف العقيدة التي كان عليها الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسهم وأخذ عنهم العلم، ومما ذكر حرب بن إسماعيل في هذه العقيدة:
(ونعرف للعرب حقَّها وفضلها وسابقتها، ونحبَّهم لحديث رسول الله ﷺ: "حبُّ العرب إيمان وبغضهم نفاق"، ولا نقول بقول الشُّعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبُّون الحرب، ولا يُقرُّون بفضلهم؛ فإنَّ قولهم بدعة وخلاف). اهـ. وأشار ابن تيمية إلى أنَّ هذا الكلام مروي عن الإِمام نفسه، وأنه قول عامة أهل العلم.
وقد استدلَّ شيخ الإِسلام على فضل جنس العرب، ثم جنس قريش، ثم جنس بني هاشم:
• بما رواه الترمذي (٥/ ٥٨٤) - رقم (٣٦٠٧) من حديث عبد الله بن الحارث، عن العبَّاس بن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله! إنَّ قريشًا جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم، فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كبوة من الأرض! فقال ﷺ: "إنَّ الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم من خير فرقهم وخير الفريقين، ثم تخيَّر القبائل فجعلني من خير قبيلة، ثُمَّ تخيَّر البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسًا، وخيرهم بيتًا". قال الترمذي. هذا حديث حسن.
• وبما روى الترمذي أيضًا (٥/ ٥٨٤) - رقم (٣٦٠٨) من حديث المطلب بن أبي وداعة قال: جاء العبَّاس إلى رسول الله ﷺ، فكأنه سمع شيئًا، فقام رسول الله ﷺ على المنبر فقال: من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله ﷺ. قال: أنا محمد بن عبد المطلب. ثم قال: "إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتًا فجعلني في خيرهم بيتًا وخيرهم نفسًا".
قال شيخ الإِسلام (١/ ٣٨٠ - ٣٨١): "وقوله في الحديث: (خلق الخلق فحملني في خيرهم، ثم خيرهم فجعلني في خير فرقة)، يحتمل شيئين:
أحدهما: أنَّ الخلق هم الثقلان، أو هم جميع في خلق في الأرض، وبنو آدم خيرهم، وإن قيل بعموم الخلق، حتى يدخل فيه الملائكة كان فيه تفضيل جنس بني آدم على جنس الملائكة، وله وجه صحيح.
ثم جعل بني آدم فرقتين، والفرقتان: العرب والعجم. ثم جعل العرب قبائل، فكانت قريش أفضل قبائل العرب، ثم جعل قريشًا بيوتًا، فكانت بنو هاشم أفضل البيوت.
ويحتمل أنه أراد بالخلق بني آدم، فكان في خيرهم، أي في ولد إبراهيم أو في العرب. =
1 / 12