آكلين للحرام المحض بغير تأويل ولا شبهة و م أكل الحرام ونكح به النساء واشترى منه الإماء من غير إقلاع عنه ولا تبرم منه فقد بارز الله تعالى بالعداوة ومن بارز الله بالعداوة فقد كفر عند كل ذي دين وفهم. فلما استحلوا ذلك واستطابوه قال لهم ينبغي لنا أن نجعل من هذا المال الذي هو الخراج قسطا لأقوام يجاهدون الناس ويشتغل سائر الناس في معايشهم وأسواقهم وتجاراتهم وصنائعهم فليس كل مسلم يمكنه الجهاد فرغب كبراؤهم ورؤسائهم في ذلك ميلا منهم للدعة والخفض والراحة ورغب في ذلك أهل الحروب وحملة السلاح لما يتعجلونه من أخذ المال فأجابوا إلى ذلك وصوبوا رأيه فيه فضرب عند ذلك تلك الأموال المأخوذة حراما وغصبا وظلما من أصناف أهل الزكاة إلى قوم جندهم ودونهم جندا للجهاد يزعمه نصير المجاهدين يجاهدون بأجرة فأبطل ثواب الجهاد على جميع المسلمين ممن تخلف عنه وممن يجاهد منهم بأجرة والأجرة مع ذلك من مال حرام وكل من عمل بأجرة فلا ثواب له على عمله وكل شئ يأخذه المجاهدون بالأجر من الغنائم فهو عليهم حرام لأنهم جاهدوا بالأجرة فلاحظ لهم في الغنائم التي كانوا يأكلونها لأنها عليهم حرام والأجرة عليهم حرام والمال المأخوذ من الخراج على جميع من أكل منه شيئا حرام، فهل للناس بأعظم من هذه المصيبة في المسلمين بما ذكرنا من البدع مع ما صرفه عن الثمانية أصناف الذين جعل الله الزكاة لهم من حظوظهم من الزكاة، هذه وكل من قتل منهم في الجهاد فإنه كان مقتولا بأجرة دون طاعة الله وفي غير سبيله ثم جعل من هذا المال المأخوذ خراجا من الخراج قسطا للقوم من الفقهاء فقبلوا ذلك وأكلوه للفقهاء ومن أقامهم بزعمه يعلمون المسلمين معالم دينهم وكذلك الأئمة المصلين بهم في البلدان والمؤذنين فقبلوا ذلك وأكلوه مستحلين له فدخل في هذا الحرام جميع علمائهم، وجهالهم وأسقط بذلك عن المسلمين ثواب تعليمهم وعن المؤذنين ثواب تأذينهم وعن المصلين بالناس ثواب صلاتهم بالأجرة التي أخذوها على ذلك من الحرام فصاروا
Shafi 32