وإنما الحاكم فيه عليهم غيرهم وهو كان الرسول (ص) ثم من مقامه من أوصيائه من بعده، وقد أوضحنا من البيان في المستحقين لمقام الرسول ص في كتاب الأوصياء ما فيه كفاية ومقنع للأديب، ولسنا نجد من أبواب الأموال في الشريعة بابا يصلح أن يؤخذ فيه أجرة وذلك أن أبواب الأموال في الشريعة من خمسة وجوه لا سادس لها (فمنها) أبواب الصدقات على صنوفها من كيلها ووزنها وعدها وقد جعل الله ذلك فريضة لثمانية أصناف من المسلمين في قوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله) فكل صنف من هؤلاء الثمانية فله شئ معلوم منها على قدر الكفاية يدفع الإمام إليه ذلك ليس له الحكم في سواء (ومنها) مصالحة أهل الذمة على ما في أيديهم من الأموال والأرضين وذلك لاحق بوجوه الصدقات وذلك لأن هذا الصلح وضع عليهم عوضا من الصدقات إذ لا يجوز أن يؤخذ الزكاة من أهل الكفر فمن أسلم منهم زال عنه وجه الصلح ووجب عليه فريضة الصدقات التي هي الزكاة ولذلك صار الصلح لاحقا بوجوه الصدقات ولأهلها دون غيرهم فسبيل الحكم فيها سبيل ما شرحناه من حال الحكم في الصدقات (ومنها) الجزية والأمة فيها في ذلك على قولين فالعامة تقول إنها تجري مجرى الصدقات والشيعة تقول إنها لأهل مكة خاصة أغناهم الله به عوضا عن منع المشركين من الدخول إليهم والتجارات معهم قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن يشاء إن الله عليم حكيم.
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فأغنى الله أهل مكة بالجزية فجعلها لهم خاصة وكلا الوجهين يحرم على كل واحد أن يأخذ منهما أو من أحدهما أجرة
Shafi 18