Islam da Al'adun Larabawa
الإسلام والحضارة العربية
Nau'ikan
وكان العرب لأول أمرهم في الأندلس إذا شجر خلاف بين مسلم ونصراني من الجند يعطى الحق غالبا للنصراني،
6
فنشأت وحدة وطنية بين الغالب والمغلوب، وكان عبد الرحمن الثاني عزم أن يجمع مجمعا مقدسا من النصارى برياسة رئيس أساقفة إشبيلية لقمع عادية التعصب الإسباني؛ لأن دعاة الدين من أهل النصرانية أخذوا يتناولون الإسلام بالإهانة علنا حتى يقتلوا في سبيل دعوتهم، وتكتب لهم الشهادة بزعمهم.
بهذه المسالمة العظيمة
7
البادية في أعمال الغالب مع المغلوب دخل المجوس أفواجا في الإسلام، وضعفت النصرانية جدا ثم زالت من شمالي إفريقية، ولم يكن للإسلام دعاة يدعون إليه وينشرون أحكامه على ما هو الحال في النصرانية، ولو قام أناس بهذا العمل لانحل الإشكال في معرفة السبب في تقدمه الغريب، فقد رأينا شارلمان يستصحب أبدا معه في حروبه ركبا من القسيسين والرهبان يباشرون فتح القلوب، بعد أن يكون هو بدأ بفتح المدائن والأقاليم، بجيوش يصلي بها الأمم حربا عوانا، وتجعل الولدان شيبا، بيد أننا لا نعلم للإسلام مجمعا دينيا ولا رسلا ولا أحبارا يسيرون وراء الجيوش، ولا رهبنة بعد الفتح، فلم يكره أحدا عليه بالسيف ولا باللسان، بل دخل القلوب عن رضا واختيار، وهذه نتيجة لازمة لتأثيرات القرآن وأخذه بالألباب، وإذا حدث أن دان دين الإسلام قوم مشوا وراء منافعهم، فهم قلائل إلى جانب من أسلموا عن عقيدة صادقة وميل صحيح، قاله دي كاستري:
نعم، كان الملوك
8
من غير المسلمين إذا فتحوا مملكة أتبعوا جيشها الظافر بجيش من الدعاة إلى دينها، يلجون على الناس بيوتهم، ويغشون مجالسهم، ليحملوهم على دين الظافر، وبرهانهم الغلبة وحجتهم القوة، ولم يقع ذلك لفاتح من المسلمين، ولم يعهد في تاريخ فتوح الإسلام أن كان له دعاة معروفون لهم وظيفة ممتازة، يأخذون على أنفسهم العمل في نشره، ويقفون مسعاهم على بث عقائده بين غير المسلمين، بل كان المسلمون يكتفون بمخالطة من عداهم، ومحاسنتهم في المعاملة، وشهد العالم بأسره أن الإسلام كان يعد مجاملة المغلوبين فضلا وإحسانا، عندما كان يعدها الأوروبيون ضعة وضعفا.
رفع الإسلام ما ثقل من الإتاوات، ورد الأموال المسلوبة إلى أربابها، وانتزع الحقوق من مغتصبيها، ووضع المساواة في الحق عند التقاضي بين المسلم وغير المسلم. بلغ أمر المسلمين فيما بعد أن لا يقبل إسلام من داخل فيه إلا بين يدي قاض شرعي بإقرار من المسلم الجديد أنه أسلم بلا إكراه ولا رغبة في دنيا ... عرف خلفاء المسلمين وملوكهم في كل زمان ما لبعض أهل الكتاب بل وغيرهم من المهارة في كثير من الأعمال، فاستخدموهم وصعدوا بهم إلى أعلى المناصب، حتى كان منهم من تولى قيادة الجيش في إسبانيا، اشتهرت حرية الأديان حتى هجر اليهود أوروبا فرارا منها بدينهم إلى بلاد الأندلس وغيرها.
Shafi da ba'a sani ba