Islam da Al'adun Larabawa
الإسلام والحضارة العربية
Nau'ikan
المقابلة بين بلاد العرب وبلاد الإفرنج
كانت أوروبا تحت سلطة الباباوات، يتصرفون فيها على هواهم، ويتحكمون في الأرواح والأشباح، والناس تائهون كما قال «دوزي»
11
في ظلام الجهالة، لا يرون النور إلا من سم الخياط، والنور لا يسطع إلا من جانب الأمة الإسلامية، من علوم وأدب وفلسفة وصناعات وأعمال يد وغير ذلك، وبغداد والبصرة وسمرقند ودمشق والقيروان ومصر وفارس وغرناطة وقرطبة هي المراكز العظيمة للعلم، وعواصم أوروبا التي ندهش بها اليوم أشبه بقرى، لا علم فيها ولا عمران، وهي متأخرة في كل شئونها المادية والأدبية، وما كانت في بلاد الإسلام مدرسة ولا جامع ولا بلد ولا دار كبرى تخلو من خزائن كتب مسبلة على المطالعين، هذا مع عزة المخطوطات في ذاك العهد، يجتمع في تلك الدور العالمون، يقرءون ويتباحثون ويتدارسون، تساوى في ذلك الرجال والنساء، وكانت المدارس في المدن والقرى وفي الأندلس خاصة مبذولة لكل طالب، حتى قال أحد مؤرخي الإفرنج: إن معظم سكان إسبانيا الإسلامية كانوا يقرءون ويكتبون، في زمن كان أهل الطبقة العليا في أوروبا النصرانية أميين لا يقرءون عدا أفرادا قلائل من الشمامسة، جعلوا الكتابة صناعة لهم. وقال روبرتسون: كان في إسبانيا في ابتداء القرن الخامس عشر مدن كثيرة أعمر من باقي مدن أوروبا حاشا مملكتي إيطاليا وبلاد القاع، وكان العرب أنشأوا في مدنهم معامل ومصانع أيام كانوا حاكمين فيها.
وغصت بلاد المسلمين بالمجامع العلمية مؤلفة من علماء لا ينظر في اختيارهم إلى الدين الذي يدينون به، بل يراعى فيهم علمهم واختصاصهم، وكان الخلفاء والملوك والعظماء يجمعون المشتغلين في قصورهم، يتذاكرون أصناف العلوم، وما كان مجلس لهم يخلو من عالم أو علماء، ينصب الحضور له ويأخذون عنه، ومنهم من كان يستصحب العلماء في غزواته، أو يصحب أحمالا من الكتب في رحلاته؛ لأن نفسه تفطم عن كل شيء إلا عن الأبحاث العلمية وغيرها، وكان المنصور بن أبي عامر الأندلسي، وأمير المؤمنين المأمون في بغداد ، في جملة عشرات من رجال الإسلام كان هذا شأنهم.
وذكر جبون خلال كلامه على حماية المسلمين للعلم في الشرق والغرب، أن ولاة الأقاليم والوزراء، كانوا ينافسون الخلفاء في إعلاء مقام العلم والعلماء، وبسط اليد في الإنفاق على بيوت العلم، ومساعدة الفقراء على طلبه، فانتشر من ذلك ذوق العلم، ووجدت اللذة في تحصيله بين الناس، من سمرقند وبخارى إلى فاس وقرطبة، قال: وقد أنفق وزير واحد لأحد السلاطين (نظام الملك) مائتي ألف دينار على بناء مدرسة بغداد «النظامية»، وجعل لها من الريع خمسة عشر ألف دينار في السنة تصرف عليها، وكان الذين يغذون بالمعارف فيها ستة آلاف تلميذ، فيهم ابن أعظم العظماء في المملكة وابن أفقر الصناع فيها، غير أن الفقير ينفق عليه من الريع المخصص للمدرسة، وابن الغني يكتفى بمال أبيه، والمعلمون ينقدون رواتب وافرة.
بينا كان في الأندلس عبد الرحمن الثالث الأموي
12 (300-350) عالم الملوك وحامي الآداب والعلوم والصنائع والتجارة، ورب السيف والقلم الذي أصبحت إسبانيا بأعماله وأعمال أخلافه أحسن الممالك حضارة وحسن إدارة في القرون الوسطى، كنت ترى في رعيته بل في أعماله من يقرعه؛ لأنه بنى قصر الزهراء، واستفرغ جهده
13
في تنجيدها، وإتقان قصورها وزخرفة مصانعها، وانهمك في ذلك حتى عطل شهود الجمعة بالمسجد الجامع، يقوم قاضي الجماعة بقرطبة منذر بن سعيد البلوطي، ويعظه على المنبر مبتدئا خطبته بقوله تعالى:
Shafi da ba'a sani ba