مراتب الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي رتبة أنبياء الله الكرام: (شعيب ويوسف وأيوب ويونس وموسى وإلياس واليسع وذو الكفل وداود وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام..) في القرآن الكريم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد للَّه
أخبرنا الحق ﵎ أنه فضل بعض النبيين على بعض، قال جل وعلا:
(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) الإسراء/٥٥
وقد أجمعت الأمة على أن الرسل أفضل من الأنبياء، والرسل بعد ذلك متفاضلون فيما بينهم كما قال تعالى:
(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) البقرة/٢٥٣
انظر في الفرق بين الرسول والنبي جواب السؤال رقم (٥٤٥٥)، (١١٧٢٥)
ثم أفضل الرسل والأنبياء خمسة:
محمد ﷺ، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم الصلاة والسلام جميعا.
وهؤلاء هم أولو العزم من الرسل، قال تعالى:
(فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ) الأحقاف/٣٥
وجاءت تسميتهم في موضعين من القرآن الكريم.
قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) الأحزاب/٧
وقال تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) الشورى/١٣
وقد خص الله تعالى مَن فَضَّلَه منهم ببعض الأعطيات التي أوجبت تفضيلهم.
يقول القرطبي في تفسيره (٣/٢٤٩):
" والقول بتفضيل بعضهم على بعض إنما هو بما مُنح من الفضائل، وأُعطي من الوسائل " انتهى.
فَفَضَّلَ نوحا بأنه أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماه عبدا شكورا.
وفَضَّلَ إبراهيم باتخاذه خليلا: (واتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) النساء/١٢٥، وجعله إماما للناس (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) البقرة/١٢٤
وفَضَّل موسى بكلامه سبحانه له: (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ) الأعراف/١٤٤، واصطنعه لنفسه سبحانه كما قال: (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) طه/٤١، وصنعه على عينه: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه/٣٩
وفضَّل عيسى بأنه رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، يكلم الناس في المهد.
ويتفاضل الأنبياء من جهة أخرى:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في "مجموع الفتاوى" (٣٥/٣٤):
" والتحقيق أن من النبوة ما يكون مُلكا: فإن النبي له ثلاثة أحوال:
إما أن يُكَذَّب ولا يُتبع ولا يطاع: فهو نبي لم يؤت ملكا.
وإما أن يطاع فنفس كونه مطاعا هو مُلك، لكن إن كان لا يأمر إلا بما أُمِر به، فهو عبد رسول ليس له ملك.
وإن كان يأمر بما يريده مباحا له، ذلك بمنزلة الملك كما قيل لسليمان: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) فهذا نبي ملك.
فالملك هنا قسيم العبد الرسول، كما قيل للنبى ﷺ: (اختر إما عبدا رسولا وإما نبيا ملكا) وحال نبينا ﷺ أنه كان عبدا رسولا مؤيدا مطاعا متبوعا، فأعطي فائدة كونه مطاعا متبوعا ليكون له مثل أجر من اتبعه، ولينتفع به الخلق، ويُرحموا به، ويرحم بهم، ولم يختر أن يكون ملكا لئلا ينقص - لما فى ذلك من الاستمتاع بالرياسة والمال - عن نصيبه فى الآخرة، فإن العبد الرسول أفضل عند الله من النبي الملك، ولهذا كان أمر نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم أفضل من داود وسليمان ويوسف " انتهى.
هكذا يمكن أن نصف مراتب الأنبياء عند الله ﷾، فأكرمهم عنده مرتبة أولو العزم من الرسل، وأكرم أولي العزم نبينا محمد ﷺ.
عن أَبُي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
(أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ) رواه مسلم (٤٢٢٣) .
وأما ما سوى ذلك من الترتيب والتفضيل على ذكر الأسماء فلا دليل عليه في كتاب الله وسنة رسوله، ولا حاجة بالمسلم إلى تكلف طلبه والبحث عنه، ولأجل ذلك لم يذكره أحد من أهل العلم في مصنفاتهم في العقيدة وأصول السنة.
ولمزيد فائدة انظر جواب السؤال رقم (٧٤٥٩)، (١٠٦٦٩)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
1 / 211