190

Irshad

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

Nau'ikan

Tariqa

فهؤلاء متى رأيتهم رأيت أحرص قوم على اكتساب العلم والأدب، وسمعت من ألسنتهم أحلى من الضرب، ومتى خبرت(1) وجدت أخبث عمل، وأطول أمل، وقلوبا سقيمة، وأخلاقا ذميمة، وإيثارا للعاجلة، وغفلة عظيمة عن الآجلة، حتى لقد طلع نحسهم، وألقى الله بينهم بأسهم، وأتيحت لهم الفتنة، وعظمت بهم البلية والمحنة، كما ورد عن سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين أنه قال: (أوحى الله إلى بعض أنبيائه: قل للذين يتفقهون لغير الدين، ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون للناس مسوك(2) الكباش، وقلوبهم كقلوب الذئاب، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر: إياي يخادعون !؟ أو بي يستهزئون ؟ لأتيحن لهم فتنة تذر الحليم فيها حيران)(3).

نعم ولما كثر هذا النوع، وعظمت شوكتهم، واستعلت كلمتهم، وارتفعت أصواتهم، بسبب مخالطة الظلمة، ومؤازرة الخونة الأثمة، وعلموا أنه قد انتقص بهم لأمرهم بما لا يفعلون، ونهيهم عما ليس عنه ينتهون.

كما روي (أنه دخل أعرابي المدينة، فرأى الخطيب يخطب فأحسن في كلامه، ويزهد الناس، فلما دخل داره فإذا فيها من أنواع الثياب والأثاث، وهو جالس كجبار يأمر وينهى، فأنشأ يقول :

وقد رابني من أهل يثرب أنهم يهمهم تقويمنا وهم عضل

Shafi 194