مهما يكن من شيء فاليتيم لا تقهر. فلما وضعت (أما) موضع مهما، صار الكلام: فأما اليتيم فلا تقهر، فتقدم اليتيم الذي كان حكمه التأخير؟
فالجواب عن ذلك من وجهين:
أحدهما: أن (أما) كان القياس أن يظهر بعدها فعل الشرط. كما يظهر مع (مهما). فلما حذف للعلة التي قدمنا ذكرها. قدم بعض الكلام الواقع بعد الفاء ليكون كالعوض عن المحذوف.
والثاني: أن الفاء إنما وضعت في كلام العرب للإتباع أي لتجعل ما بعدها تابعًا لما قبلها. ولم توضع لتكون مستأنفة، والإتباع فيها على ضربين: إما إتباع اسم مفرد، كقولك: قام زيد فعمرو. وإما إتباع جملة لجملة كقولك: قمت وضربت زيدًا. فلو قلت: (أما فزيد منطلق)، لوقعت الفاء مستأنفة، ليس قبلها اسم ولا جملة يكون ما بعدهما تابعًا له، إنما قبلها حرف معنى لا يقوم بنفسه، ولا تنعقد به فائدة الاسم، فقالوا: أما زيد فمنطلق، ليكون ما بعدها تابعًا لما قبلها، على أصل موضوعها.
واستيفاء الكلام في هذه المسألة يخرجنا عن غرضنا الذي قصدناه، وليس كتابنا هذا كتاب نحو، فنستوعب فيه هذا الشأن. فمن أراده فليلتمسه في مواضعه إن شاء الله.
قوله (بجميع محامده): ذهب أكثر اللغويين والنحويين إلى أن المحامد جمع (حمد) على غير قياس، كما قالوا المفاقر، جمع فقر، والمذاكر جمع ذكر.
1 / 32