بَاب فَسَاد التَّقْلِيد ونفيه وَالْفرق بَين التَّقْلِيد والاتباع
قد ذمّ الله ﵎ التَّقْلِيد فِي غير مَوضِع من كِتَابه فَقَالَ ﴿اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله﴾ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل وَابْن عبد البر فِي كتاب الْعلم بأسانيدهما إِلَى حُذَيْفَة بن الْيَمَان ﵁ أَنه قيل لَهُ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله﴾ أكانوا يَعْبُدُونَهُمْ فَقَالَ لَا وَلَكِن كَانُوا يحلونَ لَهُم الْحَرَام فيحلونه ويحرمون عَلَيْهِم الْحَلَال فيحرمونه فصاروا بذلك أَرْبَابًا قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَرُوِيَ هَذَا عَن عدي بن حَاتِم مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي ﷺ أخبرنَا أَبُو عبد الله إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن يُوسُف السُّوسِي ثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الله الْبَغْدَادِيّ ثَنَا عبد العزيز ثَنَا أَبُو غَسَّان وَابْن الْأَصْبَهَانِيّ ح وَأخْبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أَنا ابْن عون مُحَمَّد بن أَحْمد ماهان بِمَكَّة ثَنَا عَليّ بن عبد العزيز ثَنَا ابْن الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ ثَنَا عبد السلام بن حَرْب قَالَ ثَنَا غطيف بن أعين من أهل الجزيرة عَن مُصعب بن سعد عَن عدي بن حَاتِم قَالَ أتيت النَّبِي ﷺ وَفِي عنقِي صَلِيب من ذهب فَقَالَ لي يَا عدي اطرَح هَذَا الوثن من عُنُقك قَالَ فَطَرَحته قَالَ وانتهيت إِلَيْهِ وَهُوَ يقْرَأ سُورَة بَرَاءَة وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله﴾ قَالَ فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّا لسنا نعبدهم فَقَالَ أَلَيْسَ يحرمُونَ مَا أحل الله فَتُحَرِّمُونَهُ وَيحلونَ مَا حرم الله فتستحلونه قَالَ قلت بلَى قَالَ فَتلك عِبَادَتهم هَذَا لفظ حَدِيث السُّوسِي وَفِي رِوَايَة الْحَافِظ فَقَالَ النَّبِي ﷺ أَلَيْسَ كَانُوا يحلونَ لكم الْحَرَام فَتحِلُّونَهُ ويحرمون عَلَيْكُم الْحَلَال فَتُحَرِّمُونَهُ قَالَ قلت بلَى قَالَ فَتلك عِبَادَتهم
قَالَ ابْن عبد البر ثَنَا عبد الوارث بن سُفْيَان ثَنَا قَاسم بن أصبغ ثَنَا ابْن وضاح ثَنَا يُوسُف بن عدي ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن عَطاء بن السَّائِب عَن أبي البخْترِي فِي قَوْله ﷿ ﴿اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله﴾ قَالَ أما أَنهم لَو أمروهم أَن يعبدوهم من دون الله مَا أطاعوهم وَلَكنهُمْ أمروهم فَجعلُوا حَلَال الله حَرَامًا وَحَرَامه حَلَالا فأطاعوهم فَكَانَت تِلْكَ الربوبية قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم﴾ وَقَالَ أَيْضا ﴿وَكَذَلِكَ مَا أرسلنَا من قبلك فِي قَرْيَة من نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مقتدون قَالَ أولو جِئتُكُمْ بأهدى مِمَّا وجدْتُم عَلَيْهِ آبَاءَكُم﴾ فَمَنعهُمْ الِاقْتِدَاء بآبائهم من قبُول الاهتداء ﴿قَالُوا إِنَّا بِمَا أرسلتم بِهِ كافرون﴾
1 / 34