أَنه قَالَ سَمِعت ابْن عُيَيْنَة يَقُول أجسر النَّاس على الْفتيا أقلهم علما باخْتلَاف الْعلمَاء قَالَ الْحَرْث بن يَعْقُوب أَن الْفَقِيه كل الْفَقِيه من فقه فِي الْقُرْآن وَعرف مَكَائِد الشَّيْطَان
وروى عِيسَى بن دِينَار عَن ابْن الْقَاسِم قَالَ سُئِلَ مَالك قيل لَهُ لمن تجوز الْفَتْوَى قَالَ لَا تجوز الْفَتْوَى إِلَّا لمن علم مَا اخْتلف النَّاس فِيهِ قيل لَهُ اخْتِلَاف أهل الرَّأْي قَالَ لَا اخْتِلَاف أَصْحَاب مُحَمَّد ص وَعلم النَّاسِخ والمنسوخ من الْقُرْآن وَمن حَدِيث رَسُول الله ﷺ وَذَلِكَ يُفْتِي
قلت قَالَ ابْن الْقيم ﵀ مُرَاد عَامَّة السّلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تَارَة وَهُوَ اصْطِلَاح الْمُتَأَخِّرين وَرفع دلَالَة الْعَام وَالْمُطلق وَالظَّاهِر وَغَيرهَا تَارَة إِمَّا بتخصيص أَو تَقْيِيد مُطلق وَحمله على الْمُقَيد وَتَفْسِيره وتبيينه حَتَّى أَنهم يسمون الِاسْتِثْنَاء وَالشّرط وَالصّفة نسخا لتضمن ذَلِك رفع دلَالَة الظَّاهِر وَبَيَان المُرَاد فالنسخ عِنْدهم وَفِي لسانهم هُوَ بَيَان المُرَاد بِغَيْر ذَلِك اللَّفْظ بل بِأَمْر خَارج عَنهُ وَمن تَأمل كَلَامهم رأى من ذَلِك فِيهِ مَالا يُحْصى وَزَالَ عَنهُ بِهِ إشكالات أوجبهَا حمل كَلَامهم على الِاصْطِلَاح الْحَادِث الْمُتَأَخر انْتهى
وَقَالَ أَبُو عمر قَالَ عبد الملك بن حبيب سَمِعت ابْن الْمَاجشون يَقُول كَانُوا يَقُولُونَ لَا يكون إِمَامًا فِي الْفِقْه من لم يكن إِمَامًا فِي الْقُرْآن والْآثَار وَلَا يكون إِمَامًا فِي الْآثَار من لم يكن إِمَامًا فِي الْفِقْه قَالَ وَقَالَ لي ابْن الْمَاجشون كَانُوا يَقُولُونَ لَا يكون فَقِيها فِي الْحَادِث من لم يكن عَالما بالماضي وَقَالَ عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق سَمِعت عبد الله بن الْمُبَارك يسْأَل مَتى يسع الرجل أَن يُفْتِي قَالَ إِذا كَانَ عَالما بالأثر بَصيرًا بِالرَّأْيِ وَقَالَ يحيى بن سَلام لَا يَنْبَغِي لمن لَا يعرف الِاخْتِلَاف أَن يُفْتِي وَلَا يجوز لمن لَا يعلم الْأَقَاوِيل أَن يَقُول هَذَا أحب إِلَيّ وَقَالَ عبد الرحمن ابْن مهْدي لَا يكون إِمَامًا فِي الحَدِيث من يتبع شواذ الحَدِيث أَو حدث بِكُل مَا سمع أَو حدث عَن كل أحد وَقَالَ سعيد بن أبي عرُوبَة من لم يسمع الِاخْتِلَاف فَلَا تعده عَالما وَقَالَ قبيصَة بن عقبَة لَا يفلح من لَا يعرف اخْتِلَاف النَّاس وَقَالَ عبد الرحمن بن مهْدي لَا يكون إِمَامًا فِي الْعلم من أَخذ بالشاذ من الْعلم وَلَا يكون إِمَامًا فِي الْعلم من روى عَن كل أحد وَلَا يكون إِمَامًا فِي الْعلم من روى كل مَا سمع وروى مَالك بن أنس عَن سعيد بن الْمسيب بلغه عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول لَيْسَ من عَالم وَلَا شرِيف وَلَا ذِي فضل إِلَّا وَفِيه عيب وَلَكِن من كَانَ فَضله أَكثر من نَقصه ذهب نَقصه بفضله كَمَا أَنه من غلب عَلَيْهِ نقصانه ذهب فَضله وَقَالَ غَيره لَا يسلم الْعَالم من الْخَطَأ فَمن أَخطَأ قَلِيلا وَأصَاب كثيرا فَهُوَ عَالم وَمن اصاب قَلِيلا وَأَخْطَأ كثيرا فَهُوَ جَاهِل
1 / 33